قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اليوم الخميس، إن الاتحاد الأوروبي سيعلق لمدة 90 يوما الإجراءات المضادة التي اتخذها ضد الولايات المتحدة ردا على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الصلب والألمنيوم، وذلك لكسب الوقت للتفاوض على اتفاق تجاري، وفقًا لموقع بوليتيكو الأمريكي.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية عن التنازل بعد أن تراجع ترامب يوم الأربعاء عن الرسوم الجمركية "المتبادلة" العقابية التي أعلن عنها في "يوم التحرير" قبل أكثر من أسبوع، وفقا لموقع بوليتيكو.
وقالت فون دير لاين في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: "نريد إعطاء المفاوضات فرصة". وأضافت: "بينما نُنهي اعتماد تدابير الاتحاد الأوروبي المضادة التي حظيت بدعم قوي من دولنا الأعضاء، سنُعلّقها لمدة 90 يومًا".
وفي خطوةٍ مذهلة، خفّض ترامب يوم الأربعاء الرسوم الجمركية البالغة 20% التي أعلن عنها على الاتحاد الأوروبي في 2 أبريل، لتتماشى مع الرسوم الجمركية الشاملة البالغة 10% التي فرضها على معظم الدول. وفي الوقت نفسه، رفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125% في حرب تجارية متصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم.
وقد ناقش سفراء الاتحاد الأوروبي التوقف الناتج عن ذلك في اجتماع طارئ عقد صباح يوم الخميس، بعد يوم من موافقة الدول الأعضاء بشكل ساحق على اتخاذ تدابير مضادة على صادرات أميركية بقيمة 21 مليار يورو - تتراوح من السلع الزراعية والصناعية إلى السجائر والآيس كريم وحتى اليخوت.
ومن المقرر أن يبدأ تطبيق الرسوم الجمركية اعتبارا من الأسبوع المقبل، كما كان مخططا في البداية، ولكن سيتم تعليقها بموجب اقتراح قانوني منفصل لإيجاد مساحة للمفاوضات مع البيت الأبيض، وفقا لأربعة دبلوماسيين تم منحهم عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة الاجتماع المغلق.
وأضافت فون دير لاين: "إذا لم تُسفر المفاوضات عن نتائج مرضية، فسنتخذ إجراءاتنا المضادة. ويستمر العمل التحضيري لاتخاذ إجراءات مضادة أخرى. وكما ذكرتُ سابقًا، جميع الخيارات لا تزال مطروحة".
تخفيف الضغط
خفّف تراجع ترامب ضغوطًا هائلة على الأسواق المالية، مما أدى إلى ارتفاعٍ في الأسهم بنسبةٍ كبيرة، وخفّف الضغوط على سوق سندات الخزانة الأمريكية التي هدّدت استقرار النظام المالي العالمي. مع ذلك، لا تزال الرسوم الجمركية الأمريكية أعلى مما كانت عليه منذ قرن.
وفي بيان صدر يوم الخميس، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان: "تستخدم الولايات المتحدة التعريفات الجمركية كسلاح لممارسة أقصى قدر من الضغط لتحقيق مكاسبها الأنانية، وهو ما يضر بشدة بالحقوق والمصالح المشروعة لجميع البلدان، وينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية، ويخرب نظام التجارة المتعددة الأطراف القائم على القواعد، ويزعزع استقرار النظام الاقتصادي العالمي"، ويمنح التوقف بروكسل وقتًا للتفاوض على صفقة مع الولايات المتحدة.
واستمرت الهزات الارتدادية في التأثير على الأسواق المالية يوم الخميس، في حين حاول المستثمرون استيعاب تداعيات أسبوع من صنع السياسات المتقلبة إلى حد كبير.
بحلول فترة ما بعد الظهر، ارتفعت أسواق الأسهم الأوروبية بشكل حاد، مواكبةً الانتعاش الذي شهدته الأسواق الأمريكية أواخر يوم الأربعاء. مع ذلك، لم تحقق الأسهم الأمريكية أي مكاسب إضافية في تداولات ما قبل الافتتاح، مما يعكس إدراكًا بأن القضية الكبرى المتعلقة بعلاقة الولايات المتحدة بالصين لا تزال دون حل.
في غضون ذلك، استمر تدفق الأموال من الدولار في أسواق الصرف الأجنبي، فيما اعتبره البعض تصويتًا بسحب الثقة من العملة التي هيمنت على المالية العالمية على مدار القرن الماضي. وارتفعت أسعار اليورو والين والفرنك السويسري، بينما ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنحو 2% لتصل إلى مستوى قياسي جديد.
قال جورج سارافيلوس، الخبير الاستراتيجي في دويتشه بنك، في مذكرة للعملاء: "لقد وقع الضرر"، محذرًا من "شعور دائم بعدم القدرة على التنبؤ بالسياسات" حتى في حال تعليق الرسوم الجمركية بشكل دائم. وأضاف: "ستظل أحداث الأسابيع القليلة الماضية حاضرة... لسنوات عديدة قادمة. وستبقى الرغبة في بناء استقلال استراتيجي أكبر عن الولايات المتحدة على جميع الأصعدة قائمة.
