الاربعاء 16 ابريل 2025 | 03:55 مساءً
اكتشف علماء الفلك كوكبا قطبيا لأول مرة يدور حول نجمين ثنائيين بزاوية 90 درجة يُعرف بـ"الكوكب القطبي"، وهو ما يُمثّل أول دليل قوي على وجود مثل هذه الكواكب في الكون.
وأُطل على الكوكب القطبي اسم 2M1510 (AB) b، وتم اكتشافه باستخدام التلسكوب الكبير التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي، يدور حول زوج من الأقزام البنية، وهي أجسام أكبر من الكواكب الغازية العملاقة، ولكنها أصغر من أن تصبح نجوماً كاملة.
وتشكل الأقزام البنية نظاماً ثنائياً متغيراً، حيث يمر كل منهما أمام الآخر من منظور الأرض، ما يتيح للعلماء دراسة خصائصهما بدقة.
والنظام الثنائي المتغيّر يتكون من نجمين يدوران حول مركز مشترك بينهما، بحيث يكون مستوى مداريهما موازياً لخط رؤيتنا من الأرض، ما يتسبب في حجب كل منهما للآخر بشكل دوري عند مروره أمامه وحدوث تغيّرات دورية في لمعان النظام يمكن رصدها من الأرض.
وسمحت هذه التغيّرات في السطوح لعلماء الفلك بدراسة خصائص النجوم بدقة، مثل كتلتها ونصف قطرها ودرجة حرارتها، ما يجعل هذه الأنظمة أدوات قيّمة لفهم تطور النجوم وتفاعلاتها.
ووفقاً للدراسة المنشورة في دورية "ساينس أدفانسيس" (Science Advances) فإن مدار الكوكب الجديد عمودي تماماً على مستوى دوران النجمين الثنائيين، وهو أمر غير مسبوق.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة توماس بايكروفت، الباحث في جامعة برمنجهام: "يؤكد هذا الاكتشاف وجود تركيبة مدارية غريبة".
كوكب قطبي
في السنوات الماضية، اكتُشف عدد من الكواكب التي تدور حول نجمين، لكن هذه الكواكب عادة ما تدور في مستوى دوران النجوم الثنائية نفسه، أما الكوكب الجديد 2M1510 (AB) b فهو أول مثال واضح على كوكب قطبي، حيث يدور بشكل عمودي على مستوى النجمين.
وكانت هناك أدلة نظرية سابقة تشير إلى إمكانية وجود مثل هذه الكواكب، كما رُصدت أقراص كوكبية أولية تدور بهذا الشكل حول أنظمة نجمية ثنائية، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تأكيد وجود كوكب فعلي في مثل هذا المدار.
وحلَّل الفريق البحثي بيانات تؤكد وجود اضطرابات غير عادية في حركة النجمين، ما دفعهم إلى استنتاج وجود كوكب ثالث بمدار عمودي.
من جانبه، قال المؤلف المشارك للدراسة أموري تريو، الأستاذ في جامعة برمنجهام، إن مراجعة كل السيناريوهات المحتملة أوضحت أن التفسير الوحيد المطابق للبيانات هو وجود كوكب في مدار قطبي حول هذا النظام الثنائي.
ويدور هذا الكوكب حول أقزام بنية ثنائية، وهي أنظمة نادرة للغاية، حيث يُعتبر هذا الزوج النجمي هو الثاني فقط من نوعه الذي يُكتشف حتى الآن.
والأقزام البنية الثنائية أنظمة نادرة تتكون من جسمين فلكيين يُعرفان بالأقزام البنية، وهي أجسام أكبر من الكواكب الغازية العملاقة مثل "المشتري"، لكنها أصغر من أن تصل إلى الكتلة الكافية (عادة أقل من 0.08 كتلة شمسية) لبدء تفاعلات الاندماج النووي للهيدروجين التي تحوّلها إلى نجوم حقيقية.
وتدور هذه الأقزام البنية حول بعضها البعض بسبب الجاذبية المتبادلة، وتُعد دراسة تحركاتها المدارية مهمة لفهم تكوين الأنظمة دون النجمية وتطورها.
وتُعتبر هذه الأجسام وسيطة بين النجوم والكواكب، وغالباً ما تكون باردة وخافتة مقارنة بالنجوم العادية، مما يجعل اكتشافها تحدياً تقنياً.
مدار غير مألوف
وأظهر المدار غير المألوف للكوكب المكتَشف أن الكواكب يمكن أن تتشكل وتستقر في مدارات عمودية على مستوى النجوم المضيفة، ما يوسّع فهم تكوين الكواكب في الأنظمة الثنائية.
ويتحدى هذا الاكتشاف النظريات الفلكية التقليدية حول تكوين الكواكب؛ لأنه يفترض أن الكواكب في الأنظمة الثنائية تتشكل عادة في المستوى المداري للنجوم المضيفة نفسه؛ بسبب تجمع المواد في قرص كوكبي أوّلي مسطح حول النجمين.
لكن وجود الكوكب في مدار قطبي عمودي (90 درجة) على مستوى النجمين الثنائيين يشير إلى أن عملية التكوين اتبعت مساراً مختلفاً تماماً.
وقد تكون إحدى التفسيرات المحتملة أن التفاعلات الجاذبية المعقَّدة بين النجمين، والقرص الكوكبي الأوّلي أدت إلى تشوهه، أو ميلانه بمرور الوقت، ما سمح بتكوُّن الكوكب في مدار غير مألوف.
وقد يشير كلك إلى أن الكوكب تشكَّل في مكان آخر ثم انتقل إلى مداره الحالي بسبب اضطرابات جاذبية خارجية.
ويدفع هذا الاكتشاف العلماء إلى مراجعة نماذج تكوين الكواكب في الأنظمة الثنائية، ويفتح الباب أمام احتمالات جديدة حول كيفية تشكل الكواكب في ظل ظروف ديناميكية متطرفة.
ويُعد هذا الاكتشاف خطوة مهمة في فهم تنوع أنظمة الكواكب في الكون، بحسب تريو الذي قال إن هذا الاكتشاف "حدث بمحض الصدفة، ولم نكن نبحث عن كوكب بهذا الشكل تحديداً، إنه يذكّرنا بمدى روعة الكون وما يمكن أن يخبئه من مفاجآت".
اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.