أثار الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، جدلًا واسعًا في الأوساط الدينية والاجتماعية عقب مطالبته بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، معتبرًا ألا نص قرآني صريح يمنع ذلك، وداعيًا إلى إعادة النظر في الأحكام من منظور قرآني وقانوني معًا.
وفي المقابل، أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بيانًا حاسمًا رفض فيه أي محاولة لتعديل نصوص الميراث، محذرًا من “فتنة فكرية” قد تهدد استقرار الأسرة المصرية.
الهلالي: النص القرآني لا يمنع المساواة بين الأخ والأخت
خلال لقاء على قناة “العربية”، قال الدكتور الهلالي إن دوره يقتصر على “البيان والتفسير”، مشيرًا إلى أن النصوص القرآنية المتعلقة بالميراث لم تنص بشكل مباشر على منع المساواة بين الذكر والأنثى في حالات متساوية بالقرابة، خاصة بين الأخ والأخت.
وأوضح أن الفهم التقليدي الذي تحدد بموجبه الأنثى بنصف حصة الذكر لم يأتِ بنص صريح يعم جميع الحالات، مما يتيح مجالًا للاجتهاد القانوني وفقًا لظروف كل مجتمع.
وأشار الهلالي إلى أن تركيا طبّقت المساواة في الميراث منذ عام 1937، وأن مصر تطبّق جزئيًا هذا المبدأ عبر قانون المعاشات الصادر عام 2019، حيث يُوزع حق المتوفى من معاشه بالتساوي على الورثة الذكور والإناث.
وأضاف:
“هناك أسر مصرية في القاهرة والمحافظات توزّع التركة بالتساوي بين أبناء المتوفى من الذكور والإناث بالتراضي، وهذا التطبيق العملي للنصوص لا يخالف الشريعة الإسلامية، بل يدل على روح العدالة التي جاء بها الإسلام.”
الأزهر للفتوى: نصوص المواريث قطعية لا تقبل الاجتهاد
ردّ مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في بيان رسمي، مؤكدًا أن “نصوص المواريث قطعية لا تقبل الاجتهاد أو التغيير”.
وحذر البيان من وصف الدعوات للمساواة بـ”التدين الشخصي” أو “القانون الفردي”، معتبرًا ذلك “افتئاتًا على الشرع وولي الأمر”، كما وصف محاولة الاستناد إلى أدلة غير صحيحة لتحليل الحلال أو تحريم الحرام في الميراث بأنها “جريمة فكرية تهدد الأمن الفكري والاستقرار المجتمعي”.
وأورد البيان أن المادة الثانية من الدستور المصري تبيّن أن “مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع”، وأن القانون المصري مستمدّ في معظمه من الفقه الإسلامي، ما يجعل الطعن في نصوص الميراث مساسًا بصميم الشريعة والدستور معًا.
تعليقات من المجتمع الديني والقانوني
تلقى طرح الهلالي مؤيدين ومعارضين على حد سواء، حيث رأى فريق من الفقهاء والقانونيين أنه يفتتح باب الاجتهاد في قضايا اجتماعية مهمة تواكب تطورات العصر، ويعزز العدالة بين الجنسين.
بينما رأى آخرون أن الميراث في الإسلام أحكامه قطعية عن الله، ولا يجوز التعديل عليها، واستشهدوا بآيات قرآنية محددة في سورة النساء.
الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية
يرى بعض الباحثين أن المساواة في الميراث قد تساهم في تمكين المرأة اقتصاديًا، خصوصًا في المجتمعات ذات الأعراف التي تحدّ من حقها في التملك.
في المقابل، يحذر المعارضون من أن التغيير في نظام الإرث المتوارث منذ قرون قد يثير توترات أسرية ويخالف منظومة التكافل الاجتماعي التي بنيت على التفريق بين الذكر والأنثى.
تجارب دولية في المساواة بالميراث
إلى جانب مثال تركيا، يذكر الفقهاء أن دولًا إسلامية أخرى طرحت تعديلات على قوانين الميراث، وإن بدرجات متفاوتة.
وفي إفريقيا وآسيا، تقوم بعض الحكومات بتنظيم توزيع التركات بما يضمن حقوق الزوجات والأبناء بغض النظر عن جنس الموروث، ضمن قوانين مدنية لا تستند إلى النصوص الإسلامية الصريحة، ما يطرح سؤالًا حول قابلية التعايش بين القانون الإسلامي والمدني في مصر.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.