أخبار عاجلة

انقسامات عميقة.. تمرد في سلاح جو الاحتلال الإسرائيلي يتحدى حرب نتنياهو

انقسامات عميقة.. تمرد في سلاح جو الاحتلال الإسرائيلي يتحدى حرب نتنياهو
انقسامات عميقة.. تمرد في سلاح جو الاحتلال الإسرائيلي يتحدى حرب نتنياهو

في الأشهر الأخيرة، شهد جيش الاحتلال موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات، لا سيما في سلاح الجو الإسرائيلي، لتحدي الحرب المستمرة التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قطاع غزة. هذا التمرد، الذي تجلى في رسائل مفتوحة ومظاهرات من جنود الاحتياط والمتقاعدين، يعكس انقسامات عميقة داخل المجتمع الإسرائيلي ومؤسسته العسكرية حول أهداف الحرب وتكاليفها ودوافعها السياسية.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة هآرتس، وقّع حوالي 1000 من أفراد سلاح الجو، بما في ذلك طيارون وضباط احتياط، رسالة مفتوحة تتهم نتنياهو بإطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية شخصية، مما يعرض حياة الرهائن المحتجزين في غزة للخطر. وسلطت وسائل الإعلام العالمية الضوء على جذور هذا التمرد وتجلياته وتداعياته، بما في ذلك تقارير من وكالة أسوشيتد برس وآيرش إكزامينر.

انتقادات لقيادة نتنياهو

تصاعدت التوترات في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بعد انهيار وقف إطلاق النار في مارس 2025، مما أعاد إشعال الحرب بين إسرائيل وحركة حماس. بدأت هذه المرحلة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، ردًا على ذلك، شنت إسرائيل حملة عسكرية واسعة النطاق في غزة بهدف القضاء على حماس وإعادة المحتجزين. وفقًا لتقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس، وأدت الحرب إلى استشهاد أكثر من 50،000 فلسطيني، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، وفشلت في تحرير 59 محتجز متبقين، مما أثار انتقادات واسعة داخل إسرائيل وخارجها.

في البداية، حظيت الحرب بدعم شعبي واسع في إسرائيل، لكن استمرارها وارتفاع عدد الضحايا أديا إلى تراجع هذا الدعم. نتنياهو، الذي يواجه محاكمة بتهم الفساد وتحديات سياسية داخلية، قدم الحرب كضرورة وجودية، متعهدًا بتحقيق "النصر الكامل" على حماس ورفض مقترحات وقف إطلاق النار التي لا تلبي شروطه، مثل نزع سلاح حماس. لكن إصراره على مواصلة الحرب أثار انتقادات، حيث يرى الكثيرون أن استراتيجيته تفتقر إلى هدف نهائي واضح وتهدف إلى تعزيز استقرار تحالفه اليميني المتطرف، بما في ذلك حلفاء مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. 

وفي مقال رأي نشرته آيرش إكزامينر في 20 أبريل 2025، وُصف نتنياهو بأنه يستخدم الحرب كوسيلة لتعزيز قبضته على السلطة، مما يزيد من الانقسامات داخل إسرائيل وفقا لصحيفة آيرش إكزامينر الايرلندية.

تمرد سلاح الجو: النطاق والدوافع

كان أبرز تجليات الاحتجاج داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي هو الرسالة المفتوحة التي وقّعها حوالي 1000 من أفراد سلاح الجو في أوائل أبريل الجاري، والتي وصفت بأنها واحدة من أكبر أعمال الاحتجاج العسكري في تاريخ إسرائيل. اتهمت الرسالة حكومة نتنياهو بإطالة الحرب لتحقيق "مصالح سياسية" بدلًا من إعطاء الأولوية لإعادة الرهائن أو تعزيز الأمن القومي. وحذر الموقّعون من أن القصف المستمر لغزة يعرض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر ويقوض مكانة إسرائيل الأخلاقية والاستراتيجية.

وأشار الموقّعون، بما في ذلك ضباط كبار، إلى أن استمرار الحرب يخدم حاجة نتنياهو لإرضاء شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، الذين يعارضون أي وقف لإطلاق النار لا يقضي على حماس بالكامل.

هذا الاحتجاج ليس محصورًا في سلاح الجو. فقد انضم جنود احتياط من وحدات النخبة الأخرى، مثل وحدة الاستخبارات 8200، إلى حركة الاحتجاج، معبرين عن انتقادات مماثلة. ومع ذلك، حظيت أفعال سلاح الجو بأكبر قدر من الاهتمام بسبب حجمها والرد العقابي السريع من القيادة العسكرية والسياسية. أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن خطط لفصل جنود الاحتياط الذين وقّعوا الرسالة، وهو قرار دعمه نتنياهو ووزراء اليمين المتطرف مثل سموتريتش، الذين وصفوا المحتجين بـ"الرافضين" واتهموهم بتقويض التماسك العسكري.

ردود الفعل العامة والسياسية

وأشعل تمرد سلاح الجو عاصفة سياسية في إسرائيل، مما زاد من حدة التوترات بين حكومة نتنياهو  أكثر من 70% من الإسرائيليين الآن يعطون الأولوية لتحرير الرهائن على القضاء على حماس، وهو تحول عن بداية الحرب. وقد دعم أهالي الرهائن، الذين طالما انتقدوا نتنياهو لإعطائه الأولوية للتصعيد العسكري على المفاوضات، جنود الاحتياط. أصدر منتدى عائلات الرهائن بيانًا لاذعًا، معلنًا أن "نتنياهو ليس لديه خطة" لتأمين إطلاق سراح الأسرى.

ورفض نتنياهو المحتجين ووصفهم بـ"مجموعة صغيرة من الأعشاب الضارة"، متهمًا منظمات غير حكومية ممولة من الخارج بتنظيم التمرد للإطاحة بحكومته اليمينية. كما حاول تصوير الاحتجاجات كخيانة لوحدة إسرائيل في زمن الحرب، مستحضرًا ذكرى هجوم 7 أكتوبر لاستعادة الدعم. ومع ذلك، يرى النقاد أن تصرفات نتنياهو نفسه—مثل استئناف الحرب بعد وقف إطلاق النار لمدة شهرين في مارس 2025—هي التي أذكت الإحباط. اتهم المتظاهرون نتنياهو باستخدام الحرب كـ"غطاء" لتعزيز سياسات داخلية مثيرة للجدل، بما في ذلك مشروع قانون اختيار القضاة الذي يقول النقاد إنه يقوض الديمقراطية الإسرائيلية.

وكان رد فعل جيش الاحتلال صلبًا بنفس القدر. انتقد قائد سلاح الجو، اللواء تومير بار، رسالة جنود الاحتياط، معتبرًا أنها تضر بـ"التماسك داخل القوة" وغير مقبولة في زمن الحرب. يبدو قرار فصل الموقّعين هدفه منع تكرار أحداث عام 2023، عندما هدد جنود الاحتياط بالرفض الجماعي للخدمة احتجاجًا على إصلاحات نتنياهو القضائية. ومع ذلك، فإن القمع القاسي قد يؤدي إلى مزيد من الاستياء بين جنود الاحتياط، الذين يشعرون بالإحباط بالفعل من الاستدعاءات المتكررة وإعفاء المجتمعات اليهودية المتشددة من الخدمة العسكرية.

وانخفضت المعنويات بشكل ملحوظ. كما انخفض عدد جنود الاحتياط الذين يتقدمون للخدمة بشكل كبير، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق حملات على وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز التجنيد.

ووصف إيران حالفيرين، خبير علم النفس الاجتماعي في الجامعة العبرية، رسائل جنود الاحتياط بأنها "أهم مؤشر على تآكل الأخلاقيات في هذه الحرب بالذات". كما أن اعتماد جيش الاحتلال على جنود الاحتياط، الذين غالبًا ما يوازنون بين الوظائف المدنية والمسؤوليات العائلية، قد تأثر بشدة بسبب مدة الحرب وشدتها.

يعكس التمرد أيضًا التوترات حول عدم تماسك استراتيجية الحرب. انتقد مسؤولون أمنيون إسرائيليون سابقون نتنياهو، واصفين إياه بأنه "سيد تكتيكي، وليس سيد استراتيجي"، وجادلوا بأن هدفه المتمثل في "النصر الكامل" على حماس غير قابل للتحقيق ويفتقر إلى رؤية لمستقبل غزة. 

قد يعقد الاحتجاج داخل سلاح الجو العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث يلعب سلاح الجو دورًا حاسمًا في الحفاظ على التفوق الجوي وتنفيذ الضربات الدقيقة. أي تآكل في المعنويات أو القدرة العملياتية قد يضعف ردع إسرائيل ضد الخصوم الإقليميين مثل إيران، التي اتهمها نتنياهو بالسعي لامتلاك أسلحة نووية. علاوة على ذلك، قد يشجع الطابع العام للتمرد الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، خاصة من الدول الأوروبية المشغولة بنزاعاتها التجارية مع إدارة ترامب. 

لا يزال من غير الواضح ما إذا كان التمرد سيجبر على إعادة تقييم استراتيجية نتنياهو الحربية أو سيقوي عزيمته. ومع ذلك، من الواضح أن أصوات الاحتجاج داخل سلاح الجو الإسرائيلي قد أضافت بُعدًا جديدًا وقويًا إلى النقاش حول مستقبل الحرب. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الرئيس السيسي يعزي رئيس وزراء الهند في ضحايا حادث إرهابي استهدف سائحين بكشمير
التالى مصرع عنصر جنائى شديد الخطورة من متجرى المواد المخدرة