في خضم التحديات الرقمية المتزايدة والمخاطر السيبرانية المتطورة عالميًا، نجحت المملكة العربية السعودية في ترسيخ مكانتها كقوة عالمية رائدة في مجال الأمن السيبراني، ولم تقتصر هذه الريادة على كونها إنجازًا أمنيًا فحسب، بل تجاوزت ذلك لتصبح مصدر ثقة بالفضاء الرقمي السعودي بكافة مكوناته، الأمر الذي دعم بقوة مسيرة التحول الرقمي الشاملة والمستمرة التي تشهدها مختلف القطاعات الحيوية في المملكة.
وقد ساهم هذا الإنجاز بنحو مباشر في نمو الاقتصاد الوطني وتطويره، كما دعم تمكين القطاع الخاص من خلال توفير بيئة عمل رقمية آمنة ومشجعة على الاستثمار والابتكار وتبني الحلول الرقمية المتقدمة، وحفز بيئة ريادة الأعمال الرقمية لتزدهر وتنطلق بمشاريعها الواعدة في ظل منظومة محمية، ولم يقف الأثر عند هذا الحد، بل امتد ليشمل تيسير وصول المواطنين والمقيمين على حد سواء إلى طيف واسع من الخدمات بيسر وسهولة متناهية، مع ضمان أعلى مستويات الأمان والخصوصية لمعاملاتهم وبياناتهم الشخصية والرقمية.
وتأكيدًا للأولوية الإستراتيجية القصوى التي يحتلها الأمن السيبراني كركيزة أساسية ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030 الطموحة والغايات المستقبلية للمملكة في بناء اقتصاد رقمي مزدهر ومجتمع حيوي، جاء صدور تقرير الرؤية السنوي لعام 2024، ليتضمن تغطية وافية ومفصلة، تركز مباشرة في هذا المجال الحيوي والإنجازات البارزة التي تحققت فيه.
فقد كشف التقرير عن مؤشرات اقتصادية مهمة تعكس حجم القطاع وإمكاناته المتنامية، إذ أظهر التقرير أن القيمة الإجمالية لسوق الأمن السيبراني في المملكة العربية السعودية قد بلغت نحو 13.3 مليار ريال سعودي، مما يؤكد حجم النمو الكبير والاستثمارات الضخمة التي يشهدها هذا القطاع الحيوي ودوره المتزايد في دعم الاقتصاد الوطني.
السعودية الأولى عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني:
حققت المملكة العربية السعودية إنجازًا جديدًا في عام 2024 بحصولها على المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني، وذلك وفقًا لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2024 الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) في سويسرا.
ويُبرز هذا الإنجاز التزام المملكة برؤية مستقبلية استباقية تواكب التغيرات السريعة والتحديات المتلاحقة في الفضاء الرقمي، وتؤكد سعيها الدؤوب إلى توفير بيئة رقمية آمنة وموثوقة.
ولكن كيف حققت المملكة الريادة العالمية في الأمن السيبراني؟
رصد تقرير الرؤية السنوي لعام 2024، أربع خطوات رئيسية أسهمت في تحقيق المملكة المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني، وهي:
- تنظيم القطاع: وضعت المملكة الأطر التنظيمية والتشريعية اللازمة لقطاع الأمن السيبراني بالتعاون الوثيق مع كافة أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص لضمان بناء بيئة رقمية آمنة ومستقرة ومستدامة.
- إطلاق بوابة (حصين): أطلقت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني خلال عام 2022، البوابة الوطنية لخدمات الأمن السيبراني (حصين)، كمنصة وطنية متكاملة ومتقدمة مصممة خصوصًا لحماية أمن الفضاء الرقمي الوطني، وتقديم خدمات وحلول متقدمة في مجال الأمن السيبراني.
- تشجيع الاستثمار والابتكار: تبنت المملكة سياسات وبرامج فعالة لتشجيع وجذب الاستثمار في قطاع الأمن السيبراني، وتحفيز الابتكار البحث والتطوير لتعزيز نمو القطاع وتقديم حلول سيبرانية متقدمة.
- تنمية الكفاءات الوطنية: استثمرت المملكة في بناء الكفاءات الوطنية المتخصصة وتأهيلها عبر إطلاق الأكاديمية الوطنية للأمن السيبراني، التي تركز في إعداد متخصصين سعوديين مؤهلين تأهيلًا عاليًا وقادرين على حماية المنظومات والبنى التحتية الرقمية الحيوية للمملكة، كما تنفذ الأكاديمية مجموعة من البرامج والدورات التدريبية المتخصصة والتمارين السيبرانية التي تتلاءم مع احتياجات ومتطلبات القطاعات الحيوية في المملكة.
ازدهار قطاع الأمن السيبراني السعودي:
قدم التقرير مجموعة من البيانات والأرقام التي تعكس بوضوح حجم وتأثير قطاع الأمن السيبراني داخل المملكة، وتوضح حجم الاستثمار والإنفاق فيه، فقد كشف التقرير أن القيمة الإجمالية لسوق الأمن السيبراني في المملكة العربية السعودية تُقدَّر بنحو 13.3 مليار ريال سعودي، ويمثل هذا المبلغ مجموع الإنفاق من كل من القطاعين العام والخاص.
وقد شكل إنفاق القطاع الخاص نسبة كبيرة بلغت 69% من إجمالي الإنفاق في مجال الأمن السيبراني، في حين بلغت حصة القطاع الحكومي نسبة 31% من إجمالي هذا الإنفاق.
وعلاوة على ذلك، يبلغ إجمالي مساهمة قطاع الأمن السيبراني ككل في الاقتصاد الوطني نحو 15.6 مليار ريال سعودي، وهو رقم يؤكد الأهمية الاقتصادية المتزايدة لهذا القطاع الحيوي.
وطنٌ يصنعُ المجدَ على كل صعيد ????????
قطاع الأمن السيبراني في #رؤية_السعودية_2030
ريادةٌ عالمية .. وازدهارٌ اقتصادي pic.twitter.com/ypGz161ejJ
— الهيئة الوطنية للأمن السيبراني (@NCA_KSA) April 25, 2025
ويضم السوق حاليًا 355 منشأة متخصصة في تقديم مجموعة واسعة من حلول وخدمات الأمن السيبراني المتكاملة. ويعمل في هذا القطاع أكثر من 19.6 ألف متخصص وكادر وطني مؤهل تأهيلًا عاليًا، يساهمون بفعالية في مختلف تخصصات ومجالات الأمن السيبراني المتقدمة، مما يعكس حجم القوى العاملة المتخصصة في هذا المجال بالمملكة.
استدامة النمو وتعزيز الأمن السيبراني ضمن رؤية 2030 الطموحة:
تؤكد هذه المؤشرات والأرقام التفصيلية والإنجازات المتحققة أن الأمن السيبراني قد ترسخ كركيزة أساسية وجوهرية لا يمكن الاستغناء عنها في مسيرة التحول الرقمي الشامل، الذي تشهده المملكة العربية السعودية في كافة القطاعات.
كما أنه يمثل ركنًا أساسيًا لتحقيق الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل، وتعزيز الأمن الوطني بمفهومه الواسع، إذ إن هذا التركيز والنمو يصب مباشرة في تحقيق طموحات رؤية السعودية 2030 نحو بناء مجتمع حيوي ينعم بالأمن والاستقرار الرقمي، واقتصاد مزدهر يعتمد على بنية رقمية قوية ومحمية، ووطن طموح يتبوأ مكانته الرائدة عالميًا في شتى المجالات، بما يشمل: مجال الأمن السيبراني الحيوي.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط