أخبار عاجلة
مباراة الزمالك والمصري.. بث مباشر الآن -

العمال في مصر القديمة: شركاء البناء في حضارة عظيمة تحت مظلة قيم العدالة

العمال في مصر القديمة: شركاء البناء في حضارة عظيمة تحت مظلة قيم العدالة
العمال في مصر القديمة: شركاء البناء في حضارة عظيمة تحت مظلة قيم العدالة

"اجتهد في كل لحظة، اذهب أبعد مما يُطلب منك، لا تترك الوقت يضيع إن كنت قادراً على العمل، فكل من يهمل وقته يُحرم بركاته. اغتنم كل فرصة تزيد ثروة بيتك، لأن العمل هو أبو الثروة، والثروة تتبدد إذا هجرت العمل" هذه الكلمات مستوحاة من تعاليم "تعاليم أمينيموبي" و"تعاليم بتاح حتب".

 ليست مجرد نصائح عملية، بل تعكس رؤيةً عميقةً للمصريين القدماء للعمل كقيمة مقدسة، وطريقٍ للعمران والرفعة. ففي حضارة أذهلت العالم بأهراماتها ومعابدها، لم يكن البناء مجرد صروحٍ حجرية، بل كان أيضاً صرحاً أخلاقياً قائماً على العدل والاحترام المتبادل بين العمال وأرباب العمل. 

العامل في مصر القديمة: شريك في البناء، لا مجرد أداة 

على عكس الصورة النمطية التي تصور عمال الأهرام كعبيدٍ يعملون تحت السوط، تكشف النقوش الأثرية والبرديات أن العمال المصريين كانوا فئة محترمة، ذات حقوق ومطالب. ففي عهد رمسيس الثالث، سجلت بردية "إضراب دير المدينة" أول احتجاج عمالي في التاريخ، حين توقف عمال مقابر طيبة عن العمل بسبب تأخر أجورهم، حتى استجابت السلطات لمطالبهم. هذه الواقعة تكشف وجود وعي جماعي بحقوق العمال*، بل ونظامٍ قانونيٍّ يحميه حشب تقرير نشرته " بي بي سي"

 

فئات العمال في مصر القديمة

كان العمال ينقسمون إلى فئات :العمال المهرة مثل البنائين والنحاتين، الذين عملوا في مشاريع الملك والمعابد، وكانوا يحصلون على أجور عينية (قمح، شعير، زيت، ملابس) بالإضافة إلى السكن في قرى مخصصة مثل قرية دير المدينة. 

الفئة الثانية هي فئة الفلاحين الذين كانوا يعملون في مواسم الزراعة، ثم يُجندون في مشاريع البناء خلال فترة الفيضان، وأخيرا الحرفيون مثل صانعي الفخار والنساجين، الذين تمتعوا بمكانة مستقرة في المجتمع الحضري. 

حياة العمال: بين المشقة والضمانات الاجتماعية 

على الرغم من صعوبة العمل في بناء الأهرامات أو نحت المسلات، فإن الأدلة الأثرية تُظهر أن العمال كانوا يتلقون رعاية صحية وغذائية متميزة. اكتشف علماء الآثار في موقع الجيزة مقابر لعمالٍ نُحتت عليها ألقابهم بفخر، مثل "رئيس عمال البناء"، مما يدل على اعتراف المجتمع بفضلهم. كما عُثر على عظامٍ تحمل آثار علاج كسورٍ متقن، مما يشير إلى وجود نظامٍ طبيٍّ متقدمٍ للعناية بهم. 

أما عن حياتهم اليومية، فكانت قراهم تضم: مخابز جماعية لتوفير الخبز الطازج، ومستودعات طبية تحتوي على أعشابٍ ومراهمَ لعلاج الإصابات، ومدارس لتعليم أبنائهم القراءة والكتابة، كما تُظهر برديات وجدت في دير المدينة. 

 

العدالة الاجتماعية.. عندما سبقت مصر العالم 

لم تكن مصر القديمة مجتمعاً مثالياً خالياً من الصراعات، لكن نظامها الإداري كان يضمن توزيعاً عادلاً للموارد. ففي عهد الدولة الحديثة، كانت الأجور تُدفع بانتظام، وإذا حدث خللٌ، كانت الشكاوى تصل إلى الوزير أو الفرعون نفسه، كما حدث في عهد الملك نفركارع عندما اشتكى الفلاحون من جور موظفي الضرائب. 

وقد وصل الأمر إلى حدّ وجود قوانين تحمي العمال من الاستغلال، مثل منع العمل في ساعات الحر الشديد، أو توفير أيام راحة خلال الأعياد الدينية. بل إن بعض النصوص تذكر مكافآت للعمال المتميزين، مثل منحهم مقابر قريبة من مجمعات الملوك كتقديرٍ لاجتهادهم. 

اليوم، ونحن ننظر إلى تمثال "الكاتب المصري" الجالس والمستعدّ لتدوين التاريخ، أو إلى رسوم العمال وهم يحملون الأحجار في مقابر طيبة، ندرك أن مصر القديمة لم تكن تبني بالحجر فقط، بل بإيمانٍ راسخٍ بأن العمل الجاد هو أساس المجد. لقد فهم المصريون قبل آلاف السنين ما نعرفه اليوم: أن الحضارة لا تقوم بغير عدالةٍ اجتماعيةٍ، واحترامٍ للإنسان العامل. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أسطورة برشلونة: يامال تخطى ميسي
التالى دينامو البنزرتي يرد عبر بطولات على أنباء اهتمام الأهلي بضمه