ارتفع عدد قتلى الاشتباكات الأخيرة في ريف دمشق إلى 56 قتيلًا، في ظل شن إسرائيل غارات جوية كبرى على العاصمة السورية دمشق، واندلاع مواجهات عنيفة بين مقاتلين دروز محليين وفصائل مسلحة موالية للحكومة السورية- وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان (SOHR)، ومقره المملكة المتحدة، اليوم الخميس.
وأكد موقع "كردستان 24" أن الاشتباكات اشتعلت في جرمانا وأشرفية صحنايا، وكلاهما جنوب دمشق العاصمة، أحدث موجة من العنف ضد الأقليات الدينية السورية منذ انهيار نظام بشار الأسد وعائلته الذي استمر نصف قرن في ديسمبر، وقد وعدت الحكومة الجديدة، التي يهيمن عليها الأغلبية السنية المسلمة في سوريا، بالشمولية للأقليات في البلاد.
وأفادت أحدث التقارير بإعدام تسعة رجال دروز في الميدان، وحرق بعض جثثهم بعد سقوطهم في كمين نصبته قوات الحكومة السورية والفصائل التابعة لها، ووقع الكمين على طريق دمشق-السويداء السريع، بينما كانت قافلة من الشباب الدروز في طريقها إلى صحنايا لدعم الجماعات المسلحة المحلية في المنطقة- وفقًا لموقع كردستان 24.
وكان تدهور الوضع الأمني بسرعة في أشرفية صحنايا، إحدى ضواحي دمشق، حيث سيطرت عليها قوات وزارة الدفاع السورية بعد اشتباكات حضرية عنيفة مع مقاتلين دروز.
وتعرضت البلدة لغارات جوية نُسبت إلى طائرات إسرائيلية، بالتزامن مع نشاط لطائرات بدون طيار في المنطقة، كما أكدت التقارير المحلية إغلاق جميع مداخل ومخارج البلدة، مع انتشار القوات السورية في أحياء رئيسية، بما في ذلك حي المعامل ومحيط طريق درعا السريع، بحثًا عن مطلوبين ومخازن أسلحة.
ووفقًا للمرصد، قتل في أشرفية صحنايا 16 عنصرًا من قوات الأمن السورية، و6 مقاتلين دروز إلى جانب إعدام مدنيين درزيين داخل مزرعة دواجن، وفي منطقة جرمانا، قتل 10 عناصر من عناصر موالية للنظام و7 مقاتلين دروز. فيما قتل في كمين على طريق دمشق-السويداء السريع 15 رجلًا درزيًا.
وقال المرصد: "بلغ إجمالي عدد القتلى في هذه المناطق 56 قتيلًا، ما يُمثل أحد أكثر التصعيدات دموية في جنوب سوريا منذ تولي الحكومة الانتقالية السلطة".
التدخل العسكري الإسرائيلي وتداعياته الإقليمية
أقرت دولة الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ غارة في صحنايا استهدفت ما وصفته بـ"مجموعة متطرفة" تُعدّ لهجمات ضد السكان الدروز، وصرح مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بأن العملية حملت "رسالة صارمة" إلى دمشق، مُحذّرةً الحكومة السورية التي يقودها الإسلاميون من إلحاق الأذى بالدروز.
وُضع جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم الأربعاء، في حالة تأهب بعد أن أمر رئيس الأركان هرتسي هاليفي بالاستعداد لضرب أهداف تابعة للحكومة السورية إذا استمر العنف ضد الدروز.
رد فعل حركات المعارضة
في ظهور نادر، دعا موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في دولة الاحتلال الإسرائيلي، إلى الهدوء وضبط النفس، مؤكدًا أن "الوضع تحت السيطرة"، ومحذرًا من أي استخفاف أو عدوان تجاه الدروز، مضيفًا أن "إسرائيل والجيش والمجتمع الدولي يقفون إلى جانبنا".
في غضون ذلك، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) وقفًا مبدئيًا لإطلاق النار في جرمانا وأشرفية وصحنايا، عقب اجتماع ضم محافظي دمشق والسويداء والقنيطرة، إلى جانب وجهاء العشائر.
وأكد محافظ دمشق، عامر الشيخ، التزام الحكومة باستعادة الأمن، وطالب ببقاء جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة.
في بيان رسمي، دعا الشيخ حكمت سلمان الهاجري، الزعيم الروحي للمسلمين الموحدين، المجتمع الدولي، وبصورة عاجلة، إلى حماية السوريين من المجازر والجرائم الممنهجة، واتهم "الميليشيات التكفيرية المدعومة من الخارج".
وأشار إلى أن هذه المجازر تهدف إلى فرض السيطرة وتشويه الحقيقة، وإلقاء اللوم على الحكومة بزعم حمايتها لهذه الجماعات المسلحة، وشدد الهاجري على أن التدخل الدولي أصبح الآن حقًا مشروعًا للسوريين، بعد فشل الجهود المحلية لوقف إراقة الدماء.
ورغم مواجهة العنف المسلح، أشار إلى أن السوريين ما زالوا متمسكين بالمقاومة السلمية، آملين في تحقيق العدالة والعدالة الانتقالية وحكومة مدنية لامركزية، وأعرب عن أمله في تحقيق العدالة والعدالة الانتقالية، وإقامة حكومة مدنية لامركزية تعكس تطلعات الشعب.
واختتم كلمته بالحث على التحرك السريع لإنقاذ الأرواح، مؤكدًا أن "دماء الشهداء لن تذهب سدى، وسيحصل الشعب على حقوقه عاجلًا أم آجلًا".
وزير الخارجية السوري يؤكد على الوحدة الوطنية ويحذر من التدخل الأجنبي
في المقابل، أكد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، أن الوحدة الوطنية أساس استقرار سوريا، رافضًا الطائفية والانقسام باعتبارهما تهديدين لنسيجها الاجتماعي المتنوع.
وحذّر الشيباني من التدخل الأجنبي، مشيرًا إلى أثره المدمر، لأنه غالبًا ما يخدم أجندات خارجية، وقال: "إن من يدفعون للتدخل يتحملون مسئولية تاريخية"، مشددًا على مخاطر التشرذم على المدى الطويل.
وجادل الشيباني بأن الاستقرار يتطلب حوارًا شاملًا وسيادة، قائلًا: "السوريون وحدهم قادرون على بناء سوريا قوية - ولا يمكن لأي قوة خارجية أن تحل محل الإرادة الوطنية الأصيلة".