أخبار عاجلة

ذكرياتي مع الصحافة في يومها العالمي

ذكرياتي مع الصحافة في يومها العالمي
ذكرياتي مع الصحافة في يومها العالمي

قبل يومين احتفلت مملكة البحرين والعالم بيوم الصحافة العالمي، وعلى الرغم من مرور أكثر من 48 ساعة على هذا الحدث، إلا أنني آثرت أن أواصل الاحتفال والاحتفاء به في هذه المساحة «الصحفية» التي أتاحتها لي إدارة صحيفة «الوطن» مشكورة.

رغم أن بدايتي كانت كطالب وضابط بحري أتنقل بين الموانئ والبحار وأستكشف أعماقها، إلا أن رحلتي توقفت لفترة عند شاطئ الإعلام. هناك، تلقيت تعليمي على يد الأستاذ الكبير نبيل بن يعقوب الحمر، وزير الإعلام الأسبق والمستشار الإعلامي الحالي لجلالة الملك المعظم رعاه الله.

كانت تجربتي في عالم الإعلام مختلفة كلياً عن تجاربي البحرية؛ فالإعلام بحر زاخر بالأحداث والأخبار لا يهدأ ليله ولا نهاره، ويستلزم قدرة استثنائية على التفاعل السريع والذكي مع المستجدات، لضمان استمرار السفينة في الإبحار نحو أهدافها.

وتنقلت بين الإعلام والصحافة لأواصل هذا العمل الممتع، والذي سمح لي بأن أشارك الرأي مع الناس ويشاركني الآخرون أفكارهم، لكي أوصلها للمجتمع والمسؤولين، فكانت الصحافة هي رئتي الوطنية التي تنفست بها عبر تلك السنين الطويلة، مشاركاً في مسيرة الصحافة التي رسّخها المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، وعززتها الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.

ولقد كانت الصحافة البحرينية ذات مذاق مختلف عن أي صحافة أخرى سواء دولية أو حتى إقليمية، فتميّزت عن الصحافة الدولية بقدرتها على الغوص في أعماق المجتمع البحريني وأسراره، وتميّزت عن الصحافة الإقليمية، بالثقافة الأصيلة والعلم الذي كانت البحرين صاحبة السبق في المنطق بتدريسه للإناث والرجال.

ولئن كنا نفخر اليوم بمجالسنا باعتبارها مدارسنا، فإن تلك المجالس لم تكن لتتفاعل في المجتمع إلا عبر الصحافة، وما تتطرّق إليه من قضايا مجتمعية تكون حديث المساء في المجالس، ومنها أيضاً تبادلت الصحافة المعلومة والخبر والتحليل وخرج من تلك المجالس ما يُثري العمل الصحفي والثقافة الوطنية.

وفي عصرنا الذي تطغى عليه وسائل التواصل الاجتماعي، قد يعتقد البعض أن الصحافة قد تختفي وتندثر، لكن العكس هو الصحيح، فستبقى الصحافة هي المصدر لما يتطرّق إليه أهل «السوشيال ميديا»، وستظل الصحافة هي «جهينة» صاحبة الخبر اليقين، ولن يخلو الأمر من تفاعل كيميائي بين الوسيلتين نراه كثيراً اليوم ويساهم بشكل كبير في بناء مجتمع واعٍ وقادر على المشاركة في صُنْع الأخبار وتحريك مسارات الأحداث.

وفي يوم الصحافة يواجه الصحفي -وكعادته- مزيداً من التحديات في مهنة البحث عن الحقيقة وفق معايير كثيرة، قد تزيغ بوصلتها بين هذا الجبل الهادر من المعلومات المتاحة كل يوم وكل لحظة، وبين متطلبات السبق الصحفي أو الخبر العاجل، وتقديم مادة موضوعية تستقطب القارئ أو المشاهد، لكن تبقى الاحترافية والموضوعية هما محددات الصحفي الحقيقي.

كما يواجه الصحفي المهني مشكلة أخرى من التحدي المتمثل في صحافة المواطن التي لا تلتزم بالمعايير، فقد أصبح الناس كلهم ناشرين وناقدين ومحللين دون أدنى محاسبة، وهو أمر يصعب فيه ممارسة مهنة المتاعب لأن التحدي الأكبر هو المحافظة على المصداقية بين ضجيج الأخبار المتناقضة، لكن وكما يقول الفيلسوف البريطاني هربرت سبنسر «البقاء للأصلح».

ثم تأتي المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الصحفي الوطني في مجتمعنا المتميز بتعدد ثقافاته ومحبته للتعايش مع كافة الأديان والأعراق، وهي تعزيز الهوية الوطنية، ولقد نجحنا في صحافتنا وإعلامنا ببناء جسر تواصل بين المواطن ومتخذي القرار، وانعكس ذلك في كثير من المواقف والأحداث شبه اليومية، ولذلك يبقى الصحفي الوطني شريكاً في بناء الوطن وتعزيز الحريات فيه من خلال صحافة حرة ومسؤولة في الوقت ذاته.

قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تطور جديد.. أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 2 مايو 2025
التالى العبدلي لـ بطولات: بن رمضان تخلى عن وعده مع الترجي بعد انتقاله إلى الأهلي