أخبار عاجلة

استعمال "السماوي" في النصب يسائل الوعي الاجتماعي وسهولة الإخضاع

استعمال "السماوي" في النصب يسائل الوعي الاجتماعي وسهولة الإخضاع
استعمال "السماوي" في النصب يسائل الوعي الاجتماعي وسهولة الإخضاع

يتعرض الأشخاص، بين الفينة والأخرى، لعمليات نصب تُعرف بـ”السماوي”، وهي أساليب احتيالية تعتمد على التأثير النفسي والإرباك الذهني، الذي يُفقد الضحايا تركيزهم فيستسلمون لأوامر المحتالين دون وعي، ويستجيبون تلقائيًا لتعليمات تبدو لهم منطقية، فيمنحون أموالهم وممتلكاتهم طواعية.

خضوع بلا مقاومة

مدينة المحمدية شهدت مؤخرًا واقعة من هذا النوع، إذ وقعت شابة ضحية عملية نصب بـ”السّماوي”، وهو ما جعلها تسلّم هاتفها المحمول، ومبلغًا من المال، وبطاقة بنكية مع القن السري لشخصين خدعاها بخطاب يوهم بالثقة، قبل أن ينتقلا إلى أقرب شباك أوتوماتيكي، محاولين سحب الأموال قبل أن تستعيد الضحية وعيها.

وبينما كانت الشابة في طريقها إلى مركز الشرطة، لمحت النصابين وهما يحاولان سحب الأموال، فأطلقت صرخات استغاثة، مما دفع عددًا من المارة إلى التدخل، تزامنا مع وصول عناصر الأمن الوطني إلى مكان الحادث، وتم توقيف المعنيين بالأمر في الحين. وقد أعادت هذه الواقعة التنبيه إلى خطورة هذا النوع من النصب والاحتيال.

مثل هذه الوقائع تطرح تساؤلات حول الجوانب النفسية المرتبطة بالضحايا، وكيف يمكن لشخص أن يسلّم ممتلكاته عن طيب خاطر ودون مقاومة تُذكر. كما يثير تكرار هذه الحالات تساؤلًا لدى علم الاجتماع حول خطورة ظاهرة “السماوي”، وما إذا كانت تعكس هشاشة اجتماعية أعمق تُمهّد لقبول الخرافة والانقياد السهل لسلطة موهومة.

شرود ذهني

ندى الفضل، أخصائية ومعالجة نفسية إكلينيكية، قالت إن ظاهرة “السّماوي”- أو النصب النفسي/ الروحي- تُثير كثيرًا من التساؤلات لأنها “تمس جوانب عميقة في الوعي والإيحاء وضعف الانتباه المؤقت”، مضيفة أن “بعض الأشخاص لديهم درجة أعلى من القابلية للإيحاء، خصوصًا في حالات التعب والقلق والمشاكل الحياتية التي يمر منها الفرد، وضعف الشخصية أو الانشغال الذهني، مما يجعلهم عرضة أكثر للاستدراج”.

وأشارت إلى أن “النصّاب غالبًا ما يستخدم تقنيات شبيهة بالتنويم المغناطيسي مثل كلمات مكررة أو إيقاع صوت معين أو تواصل بصري قوي أو أي أسلوب يشتت الانتباه لخلق نوع من الشرود الذهني”، منبّهة إلى أن “النصاب يلعب أيضًا على المشاعر والاحتياجات مثل الحاجة للشفاء والطمأنينة أو الفضول حول “الغيب”، مما يجعل الضحية أكثر استعدادًا للاستسلام”.

وبخصوص الحالة النفسية للضحية بُعيد التعرّض للنصب، أوضحت الفضل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هناك آلية دفاع نفسي تبرز أحيانًا بعد الوقوع في الفخ، إذ يُبرر المحتال عليه ذلك السلوك غير المعقول بأنه كان “خارج الوعي” كي يتجنب الشعور بالذنب أو الإحراج”.

وعن الجانب الوقائي للحيلولية دون الوقوع في شراك ممارسي “السّماوي”، أوضحت المعالجة الإكلينيكية أن “الوعي والمعرفة هما أساس الحماية”، مشددة على ضرورة “عدم السماح للغرباء باختراق المساحة الشخصية، وتجنّب التفاعل في لحظات التعب، وتجاهل من يدّعي معرفة الغيب أو يعرض علاجًا سريعًا لمرض ما”.

من جانب آخر، أبرزت الأخصائية والمعالجة النفسية الإكلينيكية أهمية “مشاركة قصة التعرّض للنصب أو حتى الشك في الوقوع في هذا النوع من الاحتيال”، لافتة إلى أن “تبادل الحديث عن التجارب وتقاسمها مع الغير يضعف فعالية هذه الحيل مستقبلًا”.

طمع واحتيال و”نيّة”

حسن قرنفل، أستاذ علم الاجتماع، قال إن “كل عملية نصب تستهدف فئة معيّنة من الناس، إذ لا يمكن النصب على الجميع، خصوصًا في حالة ما يُعرف في الثقافة المغربية بـ”السماوي””.

وأضاف الأستاذ الجامعي أن “المحتالين عادةً ما يختارون أشخاصًا يتصفون بسمات معيّنة مثل الطيبة المفرطة وسرعة التصديق، أي من يُعرفون في الدارجة بكونهم “نيّة””.

وأشار إلى أن “هؤلاء الأشخاص يميلون إلى الثقة في الغرباء، الذين يلتقون بهم في الفضاءات العامة، ويكونون مستعدين للخضوع للتأثير النفسي والكلام المموَّه”.

وقال قرنفل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن “عمليات “السماوي” غالبًا ما تتم من خلال شبكات مكوّنة من شخصين أو ثلاثة، يتناوبون الأدوار بينهم لتأكيد مصداقية النصّاب”.

وأفاد أن “من بين الحيل المستعملة أن يظهر شخص ثالث وكأنه مارٌّ بالصدفة، فيدلي بمعلومة تعزز رواية النصّاب أمام الضحية”.

وختم قرنفل توضيحاته بالإشارة إلى أن “العامل الحاسم في هذه العمليات هو الطمع، إذ يُغرَى الضحية بتحويل المجوهرات أو الأموال إلى كميات كبرى، فيقع في الفخ بسهولة”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق كندة علوش: "أنا في حياتي عامة بحب المواجهة ولازم اللي في قلبي على لساني"
التالى توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمغرب