في خطوة قد تعيد إشعال فتيل التوترات التجارية بين ضفتي الأطلسي، كشف الاتحاد الأوروبي عن خطط لفرض تعريفات جمركية إضافية على صادرات أمريكية بقيمة 95 مليار يورو (نحو 108 مليارات دولار)، ما لم تُفضِ المحادثات الجارية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اتفاق تجاري مرضٍ للطرفين.
الاقتراح، الذي لا يزال في مرحلة المشاورات حتى العاشر من يونيو المقبل، يشمل فرض رسوم انتقامية على عدد من السلع الصناعية البارزة، في مقدمتها طائرات شركة "بوينج" وصادرات السيارات الأمريكية، ما قد يشكل ضربة قوية لقطاعات اقتصادية حيوية في الولايات المتحدة، لا سيما في ظل بيئة سياسية متقلبة واقتراب موعد الانتخابات الأمريكية.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أكدت في بيان رسمي أن بروكسل لا تزال تفضّل المسار التفاوضي، مضيفة: "نعتقد أن بالإمكان إبرام صفقات مفيدة للمستهلكين والشركات على حد سواء، لكن في الوقت نفسه، علينا أن نستعد لجميع السيناريوهات". وتأتي هذه التصريحات في وقت يسود فيه القلق من عودة ترامب إلى السلطة، حيث تُعرف إدارته السابقة بنهجها الحمائي وفرضها لرسوم جمركية أضرّت بالشراكات التجارية التقليدية.
السياق السياسي والتجاري
تتزامن هذه الخطوة الأوروبية مع تجدد المخاوف داخل الاتحاد من أن أي عودة لترامب إلى البيت الأبيض قد تعني تصعيدًا جديدًا في الحرب التجارية، خاصة في ظل تصريحات سابقة له عبّر فيها عن انتقاده للعجز التجاري الأمريكي مع أوروبا، وهدد بفرض تعريفات على واردات السيارات الأوروبية.
ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات الأوروبية تهدف إلى الضغط المسبق على إدارة ترامب المحتملة وتهيئة الساحة التفاوضية بشروط أكثر توازنًا، في ظل التحولات الجيوسياسية والتجارية المتسارعة عالميًا. كما أن الإعلان عن حجم الرسوم المحتملة، الذي يبلغ أكثر من 100 مليار دولار، يمثل رسالة سياسية بقدر ما هو إجراء اقتصادي.
ردود الفعل المحتملة والخيارات المستقبلية
رغم الطابع التحذيري للمقترحات الأوروبية، فإنها لا تزال قابلة للتعديل قبل إقرارها، بعد خضوعها لمشاورات مع الدول الأعضاء والجهات الصناعية والاقتصادية المعنية. إلا أن مراقبين يرون أن مجرد إعلان هذه الخطة يعكس تغيرًا في مواقف الاتحاد الأوروبي، الذي يبدو أكثر استعدادًا لاتخاذ مواقف صارمة دفاعًا عن مصالحه التجارية.
في المقابل، من المتوقع أن تثير هذه الخطوة رد فعل قويًا من واشنطن، وقد تُفاقم حالة عدم اليقين في الأسواق، لا سيما في قطاعات الطيران وصناعة السيارات. كما قد تؤثر سلبًا على جهود التعاون عبر الأطلسي في ملفات أخرى، مثل الطاقة والتكنولوجيا والدفاع.
إذا لم تثمر المحادثات الجارية عن نتائج ملموسة، فقد يجد العالم نفسه أمام مواجهة تجارية جديدة بين اثنين من أكبر التكتلات الاقتصادية، ما يعيد إلى الأذهان حرب الرسوم الجمركية التي اندلعت في عهد ترامب بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين في أوروبا والصين.
ورغم ما يبدو من التزام أوروبي بالتفاوض، إلا أن هذا الاستعداد لفرض رسوم ضخمة يعكس تحولًا في سياسات الاتحاد تجاه واشنطن، حيث تسعى بروكسل لتأمين موقفها في ظل تحولات سياسية غير مضمونة في الولايات المتحدة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
