أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أمله في أن يتوقف القتال بين الهند وباكستان "سريعًا جدًا"، في تعليق على التوترات المتصاعدة بين الجارتين النوويتين في جنوب آسيا، وفقًا لصحيفة ميامي هيرالد الأمريكية.
وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضوي "إنه لَأمرٌ مؤسف. كما تعلمون، لقد كانوا يتقاتلون لعقود وقرون عديدة. في الواقع، إذا ما فكّرتم في الأمر حقًا، آمل فحسب أن يتوقف هذا الأمر سريعًا جدًا".
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي، أن مستشار الأمن القومي الهندي، أجيت دوفال، قد ابلغ وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، بالضربات التي شنّتها بلاده ضدّ جارتها باكستان، بعد حدوثها، وفق ما أعلنت السفارة الهندية في واشنطن، وقالت السفارة في بيان إن "أفعال الهند كانت مركّزة ودقيقة"، مضيفة أن روبيو الذي يشغل حاليًا منصب القائم بأعمال مستشار الأمن القومي الأمريكي، أُطلع على "الإجراءات المتخذة".
في السياق، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، الثلاثاء، أن "العالم لا يمكنه تحمّل مواجهة عسكرية" بين الهند وباكستان.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في بيان إن غوتيريش يبدي "قلقه البالغ" إزاء التصعيد الراهن، و"يدعو كلا البلدين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس العسكري".
وأعلنت الاستخبارات الهندية أن أحد المواقع التي استهدفها الجيش الهندي خلال الليل وهو مسجد سبهان في باهاوالبور في بنجاب الباكستانية، على ارتباط بجماعات قريبة من حركة عسكر طيبة الإسلامية، وتتهم الهند هذه الجماعة التي يشتبه بأنها تقف وراء الهجمات التي أودت بحياة 166 شخصًا في بومباي في 2008 بشن هجوم 22 أبريل الماضي، وفي بنجاب الباكستانية، روى محمد خورام أحد سكان مدينة موريدك التي طالها القصف أيضًا لوكالة فرانس برس، أنه سمع "دوي انفجار قوي جدًا".
وأضاف "شعرت بخوف كبير، كما لو أن زلزالًا ضرب. ومن ثم أتى صاروخ تلاه آخر بعد دقيقة ومن ثم ثلاثة أو أربعة صواريخ في الدقائق الثلاث أو الأربع التالية".
ورحب عدد كبير ممن قابلتهم بي بي سي في شوارع نيودلهي بالرد الهندي، وقال أحدهم إن رئيس الوزراء ناريندرا مودي "انتقم لقتلى" هجوم 22 أبريل.
وفي المقابل، تظاهر نحو 200 باكستاني صباح الأربعاء في مدينة حيدر آباد الجنوبية وأحرقوا أعلامًا هندية وصورًا لمودي، وقال محمد مدسر أحد سكان مدينة كراتشي الباكستانية "يجب علينا الرد. نحن فخورون بجيشنا الذي رد خلال الليل. ما دامت الهند تتصرف على هذا النحو فسنستمر في القتال".
ورأى المحلل برافين دونتي من مركز الدراسات "إنترناشونال كرايسيس جروب" أن "مستوى التصعيد تجاوز الأزمة الأخيرة في 2019، مع تداعيات رهيبة محتملة".
حرب المياه
ضربت نيودلهي في تلك السنة الأراضي الباكستانية بعد هجوم قاتل على موكب عسكري هندي في كشمير، ويتوقع أن يزور نيودلهي الأربعاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي كان في إسلام آباد في مهمة وساطة.
ومساء الثلاثاء، أعلن مودي أنه يريد تحويل مياه الأنهر التي تنبع في الهند وتعبر في باكستان، وهو تهديد يصعب تنفيذه على المدى القصير، وفقًا للمراقبين والخبراء، وعلّقت الهند مشاركتها في اتفاقية لتقاسم المياه وقعت بين البلدين في 1960، كما اتهمت باكستان الهند بتعديل منسوب نهر شيناب الذي يعبرها قادمًا من الهند.
الأمن الغذائي
فيما حذرت ماليزيا، الأربعاء، من أن التوترات بين الهند وباكستان قد تؤدي إلى تعطيل واردات الأرز إلى الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا والتي تعتمد عليها بشكل كبير، ما يحتم عليها البحث عن مصادر أخرى.
وقال وزير الزراعة والأمن الغذائي الماليزي محمد سابو إن نحو 40 في المئة من كمية الأرز التي تستوردها البلاد تأتي من الهند وباكستان.
وأضاف محمد لصحيفة "نيو ستريتس تايمز" المحلية أن "استقرارهما السياسي والاقتصادي أمر بالغ الأهمية للأمن الغذائي في ماليزيا"، وتابع، "في حال وقوع حرب أو توترات تؤثر على عمليات الموانئ أو البنى التحتية للتسليم، فقد تتعطل واردات الأرز إلى بلدنا".
وتزود الهند ماليزيا بالأرز الأبيض، في حين يأتي الأرز البسمتي من باكستان. والنوعان من المواد الغذائية الأساسية لمعظم سكان ماليزيا البالغ عددهم 34 مليون نسمة.
وقال سابو للصحيفة: "إذا تصاعد الوضع في تلك المنطقة، فمن المؤكد أن ذلك سيكون له تأثير مباشر علينا، خاصة فيما يتعلق بالأسعار واستمرارية الإمدادات".
سُمعت انفجارات ضخمة في وقت سابق الثلاثاء في مدينة مظفر آباد، في الشطر الباكستاني من كشمير، مما تسبب في حالة من الذعر والفوضى بين السكان المحليين. ووفقًا لشهادات بعض السكان الذين تحدثوا لبي بي سي، فقد عاشوا لحظات عصيبة إثر الهجوم.
وقال محمد وحيد، أحد سكان المنطقة المجاورة لمسجد بلال الذي ورد أنه كان من بين المواقع التي قُصفت، "كنت نائمًا عندما هز الانفجار الأول منزلي. هرعت إلى الشوارع، فرأيت آخرين يفعلون الشيء نفسه. قبل أن نتمكن من استيعاب ما يحدث، سقط المزيد من الصواريخ، مما زاد من حالة الفوضى".
وأضاف أن العشرات من الأشخاص أُصيبوا في الهجوم ونُقلوا إلى مستشفى يبعد حوالي 25 كيلومترًا. وأشار إلى أن الأطفال كانوا يبكون، والنساء يركضن في كل مكان بحثًا عن الأمان، فيما كانت حالة من الرعب تسيطر على الجميع. وأكد أن الناس كانوا يفرون من منازلهم، وأن مشاعر الريبة كانت تغمر الجميع بسبب ما حدث.
وأكد بعض السكان أن قوات الأمن كانت موجودة في مكان الحادث، أعرب عن استغرابه من استهداف المسجد، قائلًا: "كان مسجدًا عاديًا في الشارع نصلي فيه خمس مرات يوميًا، ولم نرَ أي نشاط مشبوه حوله" وتستمر السلطات بالتحقيق في ملابسات الهجوم، في حين يظل الوضع متوترًا في المنطقة.
ما الذي أدى إلى الضربات الهندية؟
جاءت الضربات الجوية التي نفذتها الهند ردًا على هجوم مسلح دموي وقع في 22 أبريل الماضي في بلدة باهالغام السياحية، الواقعة في الجزء الذي تديره الهند من إقليم كشمير. وأسفر الهجوم عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصًا، معظمهم من السيّاح.
وبحسب السلطات الهندية، فتح مسلحون النار على مجموعة من الزوار أثناء تواجدهم في منطقة بايساران، وهي مرج جبلي يقع على بُعد نحو خمسة كيلومترات من باهالغام. وقال بعض الناجين إن المسلحين "استهدفوا رجالًا من أتباع الديانة الهندوسية بشكل خاص".
في حين نفت باكستان أي علاقة لها بالهجوم، أكدت الشرطة الهندية أن اثنين من المشتبه بهم الأربعة في تنفيذ العملية يحملون الجنسية الباكستانية. ولا تزال قوات الأمن الهندية تواصل عمليات مطاردة المسلحين.
لكن التصعيد لم يقتصر على الضربات الجوية، فقد أعلنت الهند وباكستان عن سلسلة من الإجراءات الانتقامية، شملت إغلاق بعض المعابر الحدودية وتعليق اتفاق لتقاسم مياه الأنهار. كما تبادل الجنود على الجانبين إطلاق نار بالأسلحة الخفيفة في عدة نقاط حدودية، وكان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي قد تعهّد في وقت سابق بملاحقة منفّذي الهجوم "حتى أقاصي الأرض.