أخبار عاجلة
بدء منتدى برلماني موريتاني مغربي -
درك زاوية الشيخ يطيح بمجرم خطير -

المغرب ضمن "التنمية البشرية المرتفعة" .. اعتراف أممي وتحديات قائمة

المغرب ضمن "التنمية البشرية المرتفعة" .. اعتراف أممي وتحديات قائمة
المغرب ضمن "التنمية البشرية المرتفعة" .. اعتراف أممي وتحديات قائمة

لأول مرة، حقّق المغرب، في سنة 2025، إنجازا استرعى انتباه عدد من الباحثين والمتخصصين في قضايا التنمية البشرية، ببلوغه تنقيطا على مؤشر التنمية البشرية (IDH) بقيمة 0.710؛ مما أهله إلى الانتقال رسميا إلى “فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة”، حسب تصنيف ومعايير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD).

وحافظ المغرب على المرتبة 120 عالميا، من أصل 193 دولة، في مؤشر التنمية البشرية السنوي ضمن تقرير عام 2025 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وتفاعلا مع نتائج التقرير الأممي، الصادر بحر هذا الأسبوع، أورد بلاغ للمرصد الوطني للتنمية البشرية أن “تجاوُز قيمة مؤشر التنمية البشرية لعتبة 0.700 يمكن المملكة، ولأول مرة، من الانضمام إلى فئة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة، وفقا لمعايير برنامج الأمم المتحدة للتنمية؛ ما يدل على دينامية نمو مطرد”.

وأوضح البلاغ، الذي توصلت به هسبريس، أن “هذا التحسن يعكس تقدما ملحوظا في الأبعاد الأساسية للتنمية البشرية؛ وهي الصحة والتعليم ومستوى المعيشة”، مع إشارته إلى أن “وتيرة النمو تظل قوية، مما يؤشر على تحول هيكلي تدريجي للظروف المعيشة في المغرب”.

وأبرز المرصد المختص في شؤون التنمية البشرية بالمملكة أن “المؤشرات الأساسية تؤكد هذا الاتجاه، حيث شهد متوسط العمر المتوقع عند الولادة وعدد سنوات الدراسة المتوقعة تطورا إيجابيا”.

تعليقا على الموضوع، قال محمد عادل إيشو، أستاذ الاقتصاد بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بخنيفرة مختص في الاقتصاد القياسي، إن هذا التقدم “يأتي بعد مسار طويل من الإصلاحات التنموية التي بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث ارتفع المؤشر المغربي من 0.456 سنة 1990 إلى 0.710 سنة 2023، بنسبة تطور بلغت زائد 55.7 في المائة”.

نمو غير متكافئ

يرى إيشو أن هذا الإنجاز يعكس “تحسنا عاما في المؤشرات الماكرو-اقتصادية؛ من ضمنها ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وتحسن مناخ الاستثمار، وتنفيذ مشاريع بنيات تحتية استراتيجية (كالطاقة المتجددة، والربط الطرقي، والموانئ). كما استفاد المغرب من استقرار نسبي في معدلات التضخم وسعر الصرف، مما عزز ثقته لدى المؤسسات المالية الدولية”.

ومع ذلك نبه إيشو، مصرحا لهسبريس، إلى أن “معدل بطالة الشباب لا يزال مرتفعا، وتحديدا في الوسط القروي؛ إذ تُظهر المؤشرات هشاشة في سوق الشغل وعدم قدرة الاقتصاد على خلق وظائف كافية، خاصة في القطاعات غير الصناعية. وبالتالي، يبقى النمو الاقتصادي المغربي غير شامل بالقدر الكافي لدمج الفئات الشابة والفقيرة في دورة الإنتاج”، وفق توصيفه.

أما على المستوى الاجتماعي، فقد “ساهمت برامج، مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ونظام الحماية الاجتماعية الشاملة ومشاريع تعميم التعليم الأساسي، في تحسين مؤشرات الولوج إلى الخدمات؛ فقد تجاوز متوسط العمر المتوقع لدى المغاربة 75 سنة، وارتفعت نسب التمدرس خاصة بين الفتيات”.

واستدرك المحلل قائلا: “لكن هذه المكاسب لم تُفضِ إلى تحقيق عدالة اجتماعية شاملة، حيث لا تزال الفوارق المجالية والاجتماعية قائمة، وخصوصا بين المناطق القروية والحضرية، وفي جودة الخدمات المقدمة. كما أن جودة التعليم العمومي لا تزال دون الطموح؛ ما يهدد بانعكاسات طويلة الأمد على تكافؤ الفرص”.

تتويج للجهود

طارق مودن، الباحث في قضايا التنمية البشرية والترابية، سجل “أهمية وإيجابية” ما ورد في التقرير الأممي حول مؤشر التنمية البشرية، مبرزا أنه “جاء متوجا لجهود سنين من إتمام تنفيذ برامج وسياسات للتنمية البشرية والاجتماعية في المغرب على مدار سنوات؛ خاصا بالذكر برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي بدأت في 2005 واستهدفت أساسا تقليص الفقر ومحاربة الهشاشة”.

وأضاف مودن، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “التحسينات في الوضعية الاجتماعية تحتاج إلى وقت لتَظهر نتائجها”، مستحضرا أن معطى “ارتقاء المغرب إلى فئة مرموقة من الدول مرتفعة التنمية البشرية عاكسٌ بقوة للاعتراف الدولي بالمجهودات التي بذلتها المملكة في هذا المجال”.

ولفت الباحث في قضايا التنمية البشرية والترابية إلى “ملحاحية الحاجة إلى مواصلة العمل وعدم الاكتفاء بالإنجازات المحققة في الظرف الراهن”، مقترحا أن يتم الانكباب على “ضرورة تحسين قطاعات الصحة والتعليم عبر سياسات مدروسة من حيث الجدوى والأثر في علاقتهما بالمدى الزمني للتنزيل”.

وأكد المتحدث للجريدة أن “المغرب بينما يعمل بشكل مستمر لتحقيق تقدم في التنمية البشرية، فإن تنظيم كأس العالم 2030 يعتبر جزءا من استراتيجية التنمية الشاملة التي يعمل على تنفيذها من خلال أوراش مفتوحة مهيلكة للبنيات التحتية وتحسين ظروف العيش بالحواضر”، لافتا إلى أن “الثقة في السياسات الوطنية ضرورية لتحقيق أهداف التنمية المستقبلية”.

التحول البنيوي

وفق قراءة محمد عادل إيشو، فإن ارتقاء المغرب إلى خانة التنمية البشرية المرتفعة عُد “إنجازا وطنيا معتَبَرا، ومؤشرا على نجاعة السياسات العمومية في مجالات التعليم والصحة والدخل”؛ بيدَ أنه -في الآن ذاته– “اختبارٌ لمدى قدرة الدولة على تثبيت هذه المكتسبات وتوسيع أثرها لتشمل كل الفئات والمجالات”، وفق تعبير المختص في الاقتصاد القياسي.

وزاد إيشو معلقا: “المطلوب اليوم ليس فقط الحفاظ على المؤشر؛ بل تحويله إلى واقع يومي يعيشه المواطن المغربي، من خلال اقتصاد منتج وتعليم منصف وخدمات عمومية فعالة وولوج عادل إلى التكنولوجيا”.

وخلص المتحدث عينه إلى أنه “اعتراف أممي بمسار تنموي تراكمي، ورمز لبلد يتحرك بثبات على درب التمكين الاجتماعي والنهضة الاقتصادية؛ لكن هذا التحول يشكل في الآن ذاته دعوة عاجلة لمضاعفة الجهود”، مبرزا أن “التحدي الحقيقي لا يكمن في بلوغ العتبة؛ بل في تثبيت المكتسبات وتعميق أثرها في كل بيت ومدرسة ومركز صحي، فالتنمية الحقة تُقاس بمدى تحول الأرقام إلى كرامة يومية وعدالة مجالية”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وان بيساكا يختار تمثيل منتخب الكونغو الديمقراطية
التالى زياش: واثق من التتويج بكأس قطر