
علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع باستنفار معطيات واردة عن فرق المراقبة الجهوية التابعة لمديرية الجمارك والضرائب غير المباشرة خلية اليقظة وتحليل المخاطر المركزية، بعدما اكتشف مراقبون خلال عمليات مراجعة ومراقبة بعدية روتينية عمليات استيراد من “شركات انتحارية” (Sociétés kamikaze)، اختفت فور إتمامها عمليات استيراد مشبوهة من الصين ودول أوروبية، أبرزها ألمانيا، موضحة أن الشركات المذكورة صرحت للمصالح الجمركية من خلال الوثائق التي أدلت بها عند الاستيراد بعناوين مقرات اجتماعية ومستودعات تبين عدم وجودها على أرض الواقع، إذ استغلت بعضها عقود كراء مزورة من أجل توضيب ملفات معاملات تجارية.
وأفادت المصادر ذاتها بارتباط عدد من عمليات المراقبة البعدية، التي قادت إلى اكتشاف “الشركات الانتحارية” الجديدة، بإشعارات بالاشتباه واردة عن خلايا القيمة على مستوى آمرين الصرف بموانئ الدار البيضاء وأكادير وطنجة- المتوسط، وكذا مطار محمد الخامس الدولي، همت عمليات استيراد أنجزت من قبل الشركات المذكورة، اعترتها تلاعبات وتناقضات في تصريحات بقيمة سلع مستوردة بالملايير ترتب عليها خلل في أساس فرض الرسوم الجمركية، وأداء مستوردين مستحقات أقل من المفروضة عليهم، مشددة على أن عمليات أخرى كشف تبادل المعطيات الإلكترونية مع مؤسسات جمركية نظيرة في أوربا عن استغلالها في تهريب أموال خارج القانون إلى الخارج، من خلال تضخيم فواتير استيراد.
وأكدت مصادر الجريدة تحويل عدد من الملفات إلى مصالح التحصيل والمنازعات والشؤون القانونية، لغاية اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق الشركات المتورطة في التلاعب بعمليات استيراد، والتملص من أداء واجبات جمركية، من خلال استغلال إطار قانوني لممارسة نشاط تجاري مشبوه، عبر شركات ذات المسؤولية المحدودة (SARL أساسا)، موضحة أن تنفيذ الإجراءات المذكورة يرتقب أن يصطدم بمشاكل في التبليغ والحجز، بالنظر إلى أن عددا من هذه الشركات صرحت بمقرات اجتماعية مستغلة بعقود كراء مزورة، فيما اعتمدت أخرى على التوطين لدى مكاتب محاسبة، ومردفة بأن البحث حول وضعية مسيري الشركات موضوع التدقيق كشف عن خضوع عدد منهم لقرارات بمنع من إصدار الشيكات صادرة عن بنك المغرب، ومتابعات من قبل بنوك تجارية أمام القضاء، بسبب مشاكل ائتمانية مرتبطة بشركات أخرى.
وكانت الحكومة ضمنت قانون المالية للسنة الماضية إجراءات مهمة في مجال المراقبة الجمركية، تتعلق بتكييف بعض المقتضيات الزجرية، خاصة من خلال تشديد العقوبات لزجر المخالفات التي ينتج عنها التملص من أداء الرسوم والمكوس الجمركية، والمرتبطة بتغيير بيانات ومعالم وسيلة النقل المستعملة في عملية الاستيراد، وذلك بهدف تعقيد عملية تشخيصها؛ فيما أظهرت إحصائيات رسمية تمكن مصالح المراقبة الجمركية من تحصيل عائدات إضافية، من خلال عمليات المراقبة المختلفة، بلغت قيمتها 4.2 ملايير درهم، أي 420 مليار سنتيم، خلال سنة واحدة فقط، حيث سجلت المداخيل الجمركية زيادة بزائد 18 في المائة، لتستقر عند 131 مليار درهم، موازاة مع وتيرة أداء هذه العائدات عبر القنوات الإلكترونية بزائد 94 في المائة.
وكشفت مصادر هسبريس عن اعتماد مصالح المراقبة الجمركية على معطيات جرى تحليلها عبر نظام “بدر” الإلكتروني بشأن شبهات تلاعبات محتملة في تصريحات جمركية اخرى عند الاستيراد بواسطة “شركات انتحارية”، مؤكدة أنه تم تحميل مسيري هذه الشركات المسؤولية القانونية عن السلع المستوردة بمقتضى نصوص مدونة الجمارك، في أفق اتخاذ الإجراءات القانونية الخاصة بالتحصيل والتفاوض حول الغرامات الزجرية.