لم يكن محمد أحمد عبد الغني، الشهير بـ"أمح الدولي" مجرد مشجع للقلعة الحمراء، ولكنه حالة خاصة من الحب المتدفق للنادي الأهلي، حفر بابتسامته العفوية وظروفه الصعبة مكانته في قلب كل أهلاوي، بل في قلوب لاعبي وجماهير كرة القدم في مصر، ما جعل رحيله اليوم بمثابة صدمة لكل عشاقة، وحوّل وسائل التواصل الاجتماعي إلى سرادقات عزاء تنعيه بكلمات مؤثرة.
أمح الدولي من الظروف الصعبة إلى أسطورة المدرجات
عانى أمح الدولي من متلازمة داون منذ الصغر، وفقد والديه مبكرًا (والدته عام 2000 ووالده عام 2004)، لتصبح شقيقته راعيته وحاضنته، لكن القدر لم يكن وحيدًا في رسم مسيرته؛ فكرة القدم كانت شغفه الأكبر، ومنها استمدّ القوة، لتبدأ قصته مع اللعبة عبر صداقة مع اللاعب صلاح أمين (مهاجم نادي مصر للمقاصة)، والتي فتحت له بابًا إلى عالم الملاعب تحوّل من خلالها إلى أيقونة تشجيع، يُشار إليه بـ"الدولي" ليس لأنه سافر كثيرًا، بل لأن حبه للأهلي تجاوز الحدود.
وجهٌ مشرق وابتسامة عفوية رغم الألم
وراء ابتسامته أمح الدولي العفوية وروحه المرحة معاناة صعبة، ومعارك صحية شرسة، حيث أصيب بأمراض مزمنة مثل : ضغط الدم، السكري، والوزن الزائد الذي أثّر على حركته، إضافة إلى جلطتين دماغيتين* والتهاب رئوي حاد خلال العامين الماضيين، فضلا عن إصابة خطيرة في العمود الفقري بعد سقوطه عام 2023، تسببت في كسورٍ بفقراته، وخضع لجراحة "حقن أسمنتي" لإصلاحها.
لكن الضربة القاسية كانت نفسية؛ عندما مُنع من حضور مباراة *الأهلي وبيراميدز في مارس 2022، وهو الحظر الذي ترك فيه جرحًا غائرًا. قال يومها: "حزنت لأن المدرجات بيتي".
يوتيوب.. منصة أحلام أمح الدولي
لم تكن المدرجات وحدها منصة "أمح". حقق نجاحًا لافتًا على *يوتيوب، حيث حصل على الدرع الفضي بعد تجاوز قناته 17 مليون مشاهدة في أقل من عام، وهو ينشر فيديوهات تمزج بين الكوميديا والصدق، يعكس فيها يومياته مع اللعبة واللاعبين، مما جعله ظاهرة تواصل اجتماعي فريدة.
كلمات أمح الدولي الأخيرة إلى كهربا
اشنهر أمح الدولي بصداقاته مع نجوم الكرة، مثل أحمد الشيخ، حسين الشحات، ومحمود كهربا، الذين حرصوا على دعمه علنًا، لكن في أيامه الأخيرة، شعر بالوحدة.
كشف اللاعب محمود كهربا أن "أمح" اتصل به قبل رحيله بأيام، يبكي لأنه "لم يعد أحد يزوره"، حتى أن لاعبين مثل إمام عاشور ومجدي أفشة توقفوا عن التواصل معه.
وفي آخر ظهور له، طلب "أمح" حلمًا بسيطًا: عضوية النادي الأهلي. قال: "أريد أن أقف على رجلي مرة أخرى، وآكل دون مساعدة أحد". لكن القرار كان بيد رئيس النادي محمود الخطيب، الذي نعاه اليوم بعبارات مؤثرة.
توفي أمح الدولي بعد تدهور مفاجئ في صحته بسبب تسمم الدم الناتج عن التهاب رئوي حاد، رغم تحسنه الجزئي بعد جراحة العمود الفقري. ونعاه الأهلي رسميًا، ووصفه المشجعون بـ"الابن البار للقلعة الحمراء".