يُنظَر إلى سيناريو استحواذ شل على بي بي بوصفه أحد أكبر صفقات قطاع النفط والغاز العالمي، نظرًا للحصة السوقية للشركتين وحجم أعمالهما.
ورغم أن الأمر ما يزال قاصرًا على كونه مجرد تكهنات أو استنتاجات، ولم يصل مرحلة إعلان رسمي، فإن صدى طرح فكرة الاستحواذ على شركة النفط البريطانية في حدّ ذاته أثار قلقًا واسعًا، وسط ظهور شركة أدنوك الإماراتية في الصورة.
وقد تعود حدّة القلق إلى انخراط "بي بي" في مشروعات مشتركة عدّة، بالإضافة إلى انعكاسات بيع واحدة من كبريات شركات الطاقة على الأسعار ومستقبل التحول.
وخيّم الهبوط على أداء الشركة المالي في الربع الأول من العام الجاري 2025، وسجّل صافي الربح المعدل تراجعًا بنسبة 48%.
أمّا شركة شل، فقد تراجع صافي ربحها الفصلي بنسبة 28%، حسب تقارير فصلية لنتائج أعمال الشركات -صدرت قبل أيام- حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).
استحواذ شل على بي بي
لم يكن طرح استحواذ شل على بي بي جديدًا من نوعه، إذ ارتبط اسم كلتا الشركتين في أكثر من صفقة، خاصة مع تراجع سعر سهم شركة النفط البريطانية بنسبة 32% العام الماضي 2024.
وزادت المطالبات ببدء طرح عملية الاستحواذ بعدما أطلق صندوق "إليو" الأميركي لإدارة الاستثمارات -المالك لحصّة 5% في شركة بي بي- جرس إنذار دعا خلاله لضرورة خفض تكلفة ونفقات الشركة بمعدل أكبر.
ويبدو أن فارق حجم تراجع الأرباح بين الشركتين عزّز شل ومسؤوليها بالمزيد من القوة، إذ تعتزم الشركة الاستمرار في برامج شراء ربع سنوية بقيمة 3.5 مليار دولار.

وجنت "شل" أرباحًا بقيمة 5.6 مليار دولار خلال الربع الأول من العام، ما فاق توقعات المحللين.
وحاول الرئيس التنفيذي للشركة وائل صوان الترويج لقوة "شل" بالإشارة إلى ترجيحه شراء المزيد من أسهم الشركة، عن الاستحواذ على "بي بي".
وقال، إن إعادة شراء أسهم الشركة يعدّ الخيار الأفضل، وفق تصريحات نقلتها عنه فايننشال تايمز عقب إعلان نتائج الشركة المالية الجمعة الماضية (2 مايو/أيّار).
وتطرَّق "صوان" إلى استعداد الشركة خلال الأشهر المقبلة لتداعيات انخفاض أسعار النفط، في ظل "تماسك" الميزانية أمام الديون، وقدرتها على مواصلة حصد الأرباح، وتوزيعها على المساهمين، وإعادة شراء الأسهم.
معايير الاستحواذ
يبدو أن محاولة وائل صوان لتأكيد قوة أداء شل، والتركيز على إعادة شراء الأسهم، لا تشكّلان نفيًا قاطعًا لطرح مقترح الاستحواذ على بي بي.
ولم تكن ردود مسؤولي "شل" خلال مكالمة الأرباح الفصلية حاسمة لمقترح الاستحواذ، لكن يؤكد محللون أن دمج "بي بي" تحت غطاء الشركة الأنغلوهولندية يمنحها ترتيبًا يضعها في منافسة عالمية مع "إكسون" و"شيفرون".
وتترقب "شل" تسجيل أسهم "بي بي" وأسعارها انخفاضًا إضافيًا بوصفهما معيارًا لاتخاذ قرار طرح عرض الاستحواذ، بحسب ما نقلته رويترز وإيكونوميك تايمز عن مصادر لبلومبرغ.
وتُقيم "شل" في الآونة الحالية جدوى عملية الاستحواذ، بعدما رصد محللون نمو القيمة السوقية للشركة بمعدل يفوق منافستها البريطانية.
وتتواصل المشاورات الأولية لحين الحسم بين خيار الاستحواذ، أو تركيز الجهود على إعادة شراء الأسهم.
وتحفظت شركة بي بي عن التعليق على هذا الطرح حتى الآن.
حالة شركة "بي بي"
في محاولتها للإنقاذ، تتبع "بي بي" سياسة أعلنها رئيسها التنفيذي "موراي أوشينكلوس" تتضمن: بيع أصول بقيمة 20 مليار دولار حتى 2027، وخفض الإنفاق، وإعادة شراء الأسهم، بالإضافة إلى مغادرة مسؤول قسم الإستراتيجيات منصبه.
وتراجعت أرباح الشركة في الربع الأول 2025 إلى النصف بالمقارنة على أساس سنوي، تحت ضغط انخفاض هوامش التكرير وتجارة الغاز الطبيعي، كما قررت الشركة تقليص الاستثمار في الطاقة منخفضة الكربون والتركيز على الوقود الأحفوري.
ويقارن الرسم أدناه -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- بين صافي أرباح كبريات شركات النفط، خلال الربع الأول 2025:
وقال أوشينكلوس، إن الشركة ستواصل مراقبة ورصد تقلبات السوق، بالتوازي مع إعادة ضبط إستراتيجيتها الاستثمارية.
وتضمنت تعديلات إستراتيجية "بي بي" المعلنة -في فبراير/شباط الماضي- تقليص استثمارات المناخ لصالح مشروعات النفط والغاز.
ومقابل هذه التصريحات، تُشير البيانات الواقعية إلى انخفاض أسهم "بي بي" بنسبة 30% خلال 12 شهرًا، ما أثّر سلبًا في موقف المساهمين.
وتمهّد هذه المعطيات لواحدة من أكبر صفقات النفط والغاز العالمية، مع النظر للقيمة السوقية لشركة شل البالغة 145 مليار جنيهًا إسترلينيًا (192 مليار دولار أميركي)، مقابل 55.9 مليار جنيهًا إسترلينيًا (74.2 مليار دولار).
(الجنيه الإسترليني = 1.33 دولارًا أميركيًا)
واكتفى متحدث باسم "شل" للإشارة إلى تركيز الشركة على ضبط الأداء دون إعطاء تفاصيل إضافية، طبقًا لما نقلته عنه الغادريان.
ما علاقة أدنوك؟
ربما لم تتضمن التصريحات الأخيرة دورًا لشركة أدنوك الإماراتية في عملية استحواذ شل على بي بي، لكن تقديم العرض بصورة مباشرة قد يحمل العديد من المفاجآت والشراكات.
ويرجع ذلك للإستراتيجية التي تتبنّاها شركة أدنوك، وتكثيف وتيرة الاستحواذ والاندماج مؤخرًا، سواء إقليميًا أو عالميًا، ما يعكس دور دول الخليج المحتمل في السيطرة على أصول هيدروكربونات عالمية.
وشهد عام 2023 تحولًا في سياسة الشركة، بالانطلاق من تطوير الأنشطة المحلية إلى التوسع العالمي.
وقبل طرح سيناريو استحواذ شل على بي بي خلال الأيام الأخيرة -بعد ظهور نتائج الأداء المالي والتشغيلي-، ناقش الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة "روبن ميلز" فكرة استحواذ أدنوك الإماراتية على الشركة البريطانية.
وأوضح ميلز أن شركة "بي بي" تواجه ضغوطًا قوية، ما بين رغبة المساهمين في زيادة الأرباح والالتزامات المناخية بأهداف خفض الكربون، بحسب ما ورد مقال له منشور في موقع إربيان غولف بيزنس إنسايتس بتاريخ 19 فبراير/شباط 2024.
وأضاف أن انخفاض القيمة السوقية المتواصل للشركة منذ عام 2019 يعمّق الضغوط عليها، وقد يمهّد لاستحواذ أدنوك عليها، خاصة أن الشركتين تجمعهما مشروعات عدّة في: مصر، ومحاولة غير ناجحة للاستحواذ على حصص في مشروعات تابعة لشركة نيوميد الإسرائيلية، وغيرها.
وتطرَّق المقال إلى "أبعاد سياسية" قد تعرقل استحواذ شركة أدنوك على "بي بي"، ما يزيد فرص "شل" للقيام بهذه الخطوة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..