أخبار عاجلة
متلازمة القلب المكسور -
"القضاة" يهتم بالاستقلالية والتحصين -
طعنات تنهي حياة شاب في باب تازة -

تسريع إنتاج دول أوبك+ النفطي يحقق استقرار السوق.. رغم التقلبات (مقال)

تسريع إنتاج دول أوبك+ النفطي يحقق استقرار السوق.. رغم التقلبات (مقال)
تسريع إنتاج دول أوبك+ النفطي يحقق استقرار السوق.. رغم التقلبات (مقال)

اقرأ في هذا المقال

  • • تسريع إنتاج أوبك+ النفطي لشهر يونيو/حزيران يمثل انحرافًا عن الخطة التفصيلية الأصلية للمجموعة.
  • • نمو الطلب العالمي على النفط قد لا يرقى إلى مستوى التوقعات.
  • • انتهاكات قازاخستان والعراق المتكررة لحصصهما أدت إلى زعزعة وحدة تحالف أوبك+.
  • • تسريع زيادات الإنتاج يكشف عن نقاط ضعف أوبك+ و قدرته على التكيف.

يهدف قرار تسريع إنتاج النفط لدى بعض دول تحالف أوبك+ إلى استقرار السوق والحفاظ على التماسك الداخلي.

في 3 مايو/أيار 2025، اتفقت 8 دول رئيسة في التحالف، وهي: السعودية وروسيا، والإمارات والكويت، والعراق، والجزائر، وعُمان، وقازاخستان، على تسريع إنتاج النفط لشهر يونيو/حزيران المقبل بمقدار 411 ألف برميل يوميًا.

ويُمثّل هذا القرار، الذي يُحاكي الزيادة غير المتوقعة في مايو/أيار الجاري، انحرافًا ملحوظًا عن الخطة التفصيلية الأصلية للمجموعة في ديسمبر/كانون الأول 2024، التي كانت تتصور تخفيفًا تدريجيًا لتخفيضات الإنتاج الطوعية.

يهدف هذا النهج المُسرّع إلى معالجة تحديات الامتثال الداخلي وديناميكيات السوق المتغيرة، مع السعي في الوقت نفسه إلى الحفاظ على نفوذ أوبك+ في ظل مشهد طاقة متزايد التقلب.

تفاصيل زيادة الإنتاج

يرفع القرار إجمالي زيادة الإنتاج إلى 822 ألف برميل يوميًا خلال شهري مايو/أيار الجاري ويونيو/حزيران المقبل، وهو ما يتجاوز بكثير الخطة الأصلية للزيادات الشهرية التي تتراوح بين 137 ألف و138 ألف برميل يوميًا والمحددة بموجب اتفاق ديسمبر/كانون الأول 2024.

وصُممت هذه الخطة للتخلص التدريجي من 2.2 مليون برميل يوميًا من التخفيضات الطوعية على مدار 18 شهرًا، بدءًا من أبريل/نيسان 2025.

من ناحية ثانية، فإن زيادات الإنتاج الأخيرة تشير إلى إعادة تقييم الإستراتيجية، حيث عُكِس ما يقرب من نصف إجمالي التخفيضات الآن في غضون 3 أشهر فقط.

تخفضيضات إنتاج أوبك+ الطوعية

ويُبرِز هذا التوجّه الحاجة الملحّة داخل أوبك+ إلى الاستجابة لتطورات حقائق السوق.

ويعكس الإجراء السريع للمجموعة اعترافًا بأن التدرج قد لا يكون مناسبًا بعد الآن في مواجهة التحولات السريعة في الطلب والضبابية الجيوسياسية والتقلب المتزايد في أسواق الطاقة العالمية.

ويؤكد ذلك التضارب الإستراتيجي المستمر بين استقرار السوق ورغبات الأعضاء في زيادة الإيرادات من قدرات الإنتاج الموسّعة.

دوافع القرار

برّر تحالف أوبك+ قراره بزيادة إنتاج النفط بمقدار 411 ألف برميل يوميًا لشهر يونيو/حزيران 2025، بالزيادات الموسمية المتوقعة في الطلب والتوقعات الاقتصادية الإيجابية في الدول الرئيسة المستهلكة للنفط، لا سيما مع دخول نصف الكرة الشمالي موسم الرحلات الصيفية.

وعادةً ما تعزز هذه المدة الاستهلاك، لا سيما البنزين ووقود الطائرات، مدفوعًا بزيادة السفر والنشاط الصناعي.

وحذّر محللون، بمن فيهم العاملون لدى وكالة إس آند بورز غلوبال ماركت إنتيلجنس، من أن نمو الطلب العالمي على النفط قد لا يرقى إلى مستوى التوقعات، مع احتمال انخفاض الإنتاج بما يصل إلى 500 ألف برميل يوميًا بسبب التباطؤ الاقتصادي وتصاعد التوترات التجارية.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي الضغوط التضخمية في الاقتصادات الغربية وانخفاض قيمة العملات في الأسواق الناشئة إلى تقليص استهلاك النفط، ما يزيد من تعقيد التوقعات.

وتهدف زيادة الإنتاج إلى معالجة مشكلات الإفراط في الإنتاج المستمرة داخل أوبك+، خصوصًا من قازاخستان والعراق، اللتين أدت انتهاكاتهما المتكررة لحصصهما إلى زعزعة وحدة التحالف.

أدى استياء المملكة العربية السعودية من هذه الانتهاكات إلى اعتماد سياسة جديدة تُلزِم الدول الأعضاء المُفرطين في الإنتاج بتقديم خطط بحلول منتصف عام 2025 لتعويض التجاوزات.

ومنح تحالف أوبك+ لجنة المراقبة الوزارية المشتركة التابعة له صلاحيات أوسع لفرض الامتثال.

على صعيد آخر، يعكس القرار إجراءً احترازيًا لمواجهة أيّ انقطاعات محتملة بالإمدادات من إيران، في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة.

ونتيجة لاستمرار الضغط الأميركي على طهران، يهدف أوبك+ إلى تعويض أيّ تقلّبات في الصادرات الإيرانية وطمأنة كبار المستوردين مثل الصين والهند باستمرار الإمدادات، لا سيما في ظل احتمال تجديد العقوبات على شحنات النفط غير المشروعة.

حقل مجنون النفطي قرب مدينة البصرة في العراق
حقل مجنون النفطي قرب مدينة البصرة في العراق – الصورة من رويترز

الاستجابة للسوق

تعكس زيادة الإنتاج تحولًا من سياسة ضبط الإنتاج الصارمة إلى نموذج أكثر مرونة واستجابةً للسوق.

وتتطلع دول أعضاء، مثل الإمارات العربية المتحدة والعراق، اللتين استثمرتا بكثافة في توسيع القدرة الإنتاجية، إلى تسييل هذه الأصول في ظل حالة الضبابية المستمرة بشأن الطلب على النفط على المدى الطويل.

تمثّل هذه الخطوة إعادة تقييم أوسع نطاقًا داخل أوبك+ بشأن أفضل السبل لتحقيق التوازن بين الأهداف الاقتصادية الوطنية والإدارة الجماعية للسوق.

ويشير هذا التغيير في السياسة إلى أن أوبك+ يختبر إطار عمل إنتاجي أكثر مرونة، إطارًا يتكيف بسرعة أكبر مع تحولات السوق.

ويمكن أن يُشكّل هذا الإطار نموذجًا لتعاون أكثر مرونة في المستقبل، وأقل اعتمادًا على التخفيضات طويلة الأجل، وأكثر تركيزًا على إدارة الإمدادات المنفتحة.

ردّ فعل السوق والسياق الاقتصادي الأوسع

تفاعلت الأسواق المالية بسرعة مع هذا الإعلان، وانخفضت أسعار خام برنت بنحو 3.5%، لتغلق عند 61.29 دولارًا للبرميل عقب قرار مايو/أيار الجاري.

وسجّل هذا أدنى مستوى له في 4 سنوات، ما أبرز مفاجأة السوق وتشكُّكها بشأن توقيت هذه الزيادة وحجمها، وقد تفاقمَ انخفاض الأسعار بفعل عوامل اقتصادية كلّية أوسع نطاقًا.

بدورها، أسهمت المواجهة التجارية بين أميركا والصين، واستمرار تصعيد الرسوم الجمركية، وضعف الإنتاج الصناعي في آسيا وأوروبا، بتراجع المعنويات في أسواق الطاقة.

وأشار تقرير سوق النفط الصادر عن وكالة الطاقة الدولية لشهر أبريل/نيسان 2025 إلى أن أسعار النفط قد انخفضت بمقدار 10 دولارات للبرميل خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين، بسبب تزايُد المخاوف الاقتصادية.

من جهة ثانية، تأثرت معنويات المستثمرين بالأهمية المتزايدة لانتشار الطاقة المتجددة.

إحدى المضخات في حقل نفط بحوض بيرميان بالقرب من مدينة ميدلاند بولاية تكساس الأميركية
إحدى المضخات في حقل نفط بحوض برميان بالقرب من مدينة ميدلاند بولاية تكساس الأميركية – الصورة من رويترز

وبالنظر إلى تسريع الحكومات لخطط تحول الطاقة، أصبح الاهتمام بالوقود الأحفوري أكثر حذرًا - وتفاقم ذلك بإعطاء المستثمرين المؤسسيين الأولوية لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

وسط هذه الظروف، يُنذر تحرك أوبك+ بازدياد انخفاض الأسعار إذا لم ينتعش الطلب بحسب ما هو متوقع، وعلى الرغم من أن التحالف يأمل في معالجة فجوات العرض المحتملة استباقيًا، فإن غياب مؤشرات واضحة للطلب قد يُفاقم التقلبات.

وقد حذّر المحللون من أنه في حال انخفاض سعر برنت عن عتبة 60 دولارًا، قد يتزايد الضغط على المنتجين ذوي الوضع المالي الضعيف للتخلّي عن الالتزام بالحصص تمامًا.

تداعيات تسريع زيادات إنتاج النفط

يكشف تسريع زيادات إنتاج النفط عن قدرة أوبك+ على التكيف ونقاط ضعفه.

فمن جهة، تُظهر هذه الخطوة استعداد المجموعة لتغيير إستراتيجياتها استجابةً للضغوط الداخلية والخارجية، ومن جهة أخرى، تُبرز التحديات المستمرة في الحفاظ على الانضباط بين أعضائها المتنوعين ذوي الأولويات الوطنية المتباينة.

ولإدارة هذه التوترات، عززت المجموعة إطار عملها للامتثال، إذ إن الأعضاء الذين يُفرطون في الإنتاج مُلزَمون الآن بتقديم خطط تعويض، وستُقيّم لجنة مراقبة مُخصصة الالتزام من خلال مراجعات شهرية.

وقد يُؤدي عدم الامتثال إلى الإضرار بالسمعة أو فرض قيود إنتاجية مستقبلية، ما يُشير إلى موقف أكثر صرامة من الأعضاء الرؤساء، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

وفي الوقت نفسه، سيكون الحفاظ على التماسك أمرًا صعبًا إذا استمرت الأسعار في الانخفاض.

وقد تُقاوم الدول الأعضاء التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط القيود المستقبلية، خصوصًا إذا اشتدت الضغوط المالية المحلية.

ومع اقتراب موعد الانتخابات في العديد من الدول الأعضاء الرئيسة، قد تُعقّد الاعتبارات السياسية جهود الامتثال.

آراء الخبراء ومعنويات القطاع

انقسم محللو القطاع في تفسيراتهم لقرار أوبك+، وقد أشاد بعضهم بالمجموعة لموقفها الاستباقي، مشيرين إلى هذا التسريع يساعد على استباق صدمات العرض ويضع أوبك+ في موقع قوة استقرار السوق، وعَدَّهُ آخرون مقامرة محفوفة بالمخاطر قد تأتي بنتائج عكسية إذا ساءت الظروف الاقتصادية.

وقد اتخذ منتجو النفط الصخري الأميركيون، الذين يتنافسون مباشرة مع أوبك+ في السوق العالمية، موقفًا حذرًا.

ويدفع احتمال انخفاض الأسعار، إلى جانب ارتفاع التكاليف المرتبطة بالتجارة، بعض الشركات الأميركية إلى تقليص استثماراتها وأنشطة الحفر.

ووفقًا لمحللين لدى شركة تحليلات الطاقة وود ماكنزي (Wood Mackenzie)، فإن استمرار انخفاض الأسعار قد يؤخر المشروعات الأميركية الجديدة ويؤثّر في ديناميكيات العرض العالمية على المدى المتوسط.

في غضون ذلك، استجابت مصافي التكرير في آسيا بإشارات متباينة.

قسم المعالجة في حقل خريص النفطي بالمملكة العربية السعودية
قسم المعالجة في حقل خريص النفطي بالمملكة العربية السعودية – الصورة من بلومبرغ

وعلى الرغم من ترحيبهم بانخفاض الأسعار، يخشى الكثيرون من انقطاعات محتملة في الإمدادات في حال فشل آليات الامتثال أو تصاعد المخاطر الجيوسياسية.

وقد حثّت مصافي التكرير اليابانية والكورية الجنوبية، على وجه الخصوص، تحالف أوبك+ على توضيح أكبر بشأن عزمه على ضمان التزامات التسليم، وسط تزايد حالة الضبابية العالمية.

من ناحيتها، انتقدت مجموعات حماية البيئة ودعاة مكافحة تغير المناخ هذا الإجراء، إذ يرونه خطوةً تراجعية، مشيرين إلى أن زيادة إنتاج الوقود الأحفوري تتعارض مع الأهداف العالمية لإزالة الكربون.

وقد يكتسب هذا الانتقاد زخمًا أكبر مع اقتراب انعقاد قمة المناخ كوب 30 ودخول السياسة المناخية الدولية مرحلة حاسمة جديدة.

الخلاصة

يُشير تحرك أوبك+ لتسريع زيادة إنتاجه النفطي بحلول يونيو/حزيران 2025 بمقدار 411 ألف برميل يوميًا إلى تحول ملحوظ في إستراتيجيته، مدفوعًا بتزايد المخاوف بشأن الالتزام الداخلي بالحصص، واحتمال عدم الاستقرار الجيوسياسي، والحاجة إلى مرونة أكبر في سوق طاقة يزداد التنبؤ بمساراته صعوبة.

وعلى الرغم من أن هذا القرار يهدف إلى استقرار الأسواق ومنع انقطاع الإمدادات، فإنه يحمل في طياته مخاطر جديدة، حسبما يتضح من انخفاض سعر خام برنت إلى 61.29 دولارًا للبرميل عقب إعلان مايو/أيار الجاري.

ويُبرز هذا الانخفاض هشاشة التوازن بين إدارة مستويات العرض وتقلبات السوق.

وفي ظل اقتصاد عالمي يتّسم بالنزاعات التجارية المستمرة والضبابية بشأن نمو الطلب، يواجه أوبك+ تحديًا معقّدًا يتمثل في الحفاظ على الوحدة الداخلية مع معالجة الضغوط الخارجية بسرعة.

وستكشف الأشهر المقبلة قدرة التحالف على الالتزام بالانضباط والتكيف مع تقلبات السوق، وفي حال نجاح هذا النهج الجديد، فقد يؤدي إلى زيادة مرونة أوبك+، أمّا في حال عدم نجاحه، فقد يُفاقم تقلبات السوق ويُضعف تماسك المجموعة.

خلاصة القول، يُعدّ قرار يونيو/حزيران خطوة تكتيكية واختبارًا مهمًا لقدرة أوبك+ على فرض الانضباط الداخلي، وإرضاء الأعضاء الأغنياء بالقدرة، والبقاء قوة مؤثرة في مشهد الطاقة العالمي سريع التغير.

الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

 

اقرأ أيضًا..

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان ندوة عن "البناء الفكري وتصحيح المفاهيم"
التالى البنك الدولي يدعم توسيع منظومة صحة الأم والطفل في البادية المغربية