تُشكّل الشركة الوطنية المتطورة للغاز الطبيعي محورًا جديدًا في إستراتيجية الأردن الطاقوية، بعد إعلان تأسيسها رسميًا في 24 أبريل/نيسان 2025، بوصفها خطوة تهدف إلى تسويق الغاز المحلي المُستخرج من حقل الريشة، وتوصيله إلى القطاعات الصناعية والمنزلية.
ويُنتظر أن تُسهم الشركة في تحويل الأردن من مستورد شبه كلي للغاز إلى لاعب إقليمي يعتمد على موارده الذاتية في قطاع الطاقة.
ووفقًا لقاعدة بيانات قطاع الطاقة الأردني لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تأسّست "الشركة الوطنية المتطورة للغاز الطبيعي - وطني" بالشراكة بين شركة تسويق المنتجات البترولية الأردنية (جوبترول) وشركة غاز الأردن المسال، وبمباركة رسمية من وزارة الطاقة والثروة المعدنية وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن.
ويحظى المشروع بزخم حكومي لافت، ويتكامل مع التوجه الوطني نحو رفع كفاءة استعمال الموارد المحلية، وتعزيز أمن التزوّد بالطاقة.
وتكتسب هذه الخطوة زخمًا خاصًا في ظل اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي في حقل الريشة، قدرتها شركة شلمبرجيه العالمية بنحو 15 تريليون قدم مكعبة، يُمكن استخراج ما يصل إلى 6.65 تريليون قدم مكعبة منها وفق السيناريو الأعلى.
وتمثّل هذه الكميات قفزة نوعية في مستقبل الطاقة الأردني الذي يسعى لفك الارتباط التدريجي عن الغاز المستورد.
وتندرج هذه الجهود ضمن رؤية التحديث الاقتصادي 2033، التي تُعلي من شأن الاستثمارات الوطنية في البنية التحتية الطاقوية، وتضع الغاز الطبيعي بوصفه مصدرًا نظيفًا ومستدامًا لتلبية احتياجات القطاعات الحيوية.
تأسيس الشركة الوطنية المتطورة للغاز الطبيعي
لا يُعد تأسيس الشركة الوطنية المتطورة للغاز الطبيعي مجرد كيان تجاري، وإنما هي أداة تنفيذية ضمن الإستراتيجية الوطنية للطاقة التي تسعى إلى تنويع مصادر التزود وخفض الكلفة على الاقتصاد المحلي.
ويؤكد وزير الطاقة صالح الخرابشة، أن تأسيس الشركة خطوة محورية في تعزيز الاستقلالية الطاقوية، مشيرًا إلى أن تطوير حقل الريشة يتجاوز كونه مشروعًا اقتصاديًا إلى كونه ركيزة في منظومة أمن الطاقة الوطني.
من جانبه، يرى رئيس هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن المهندس زياد السعايدة، في الشركة الوطنية المتطورة للغاز الطبيعي "نقلة نوعية" تعزّز البنية التحتية لنقل الغاز وتوزيعه، وترسخ الشراكة بين القطاعَيْن العام والخاص.
نحو اقتصاد نظيف وفعّال
تعمل الشركة الوطنية المتطورة للغاز الطبيعي على تسويق الغاز المنتج وبيعه إلى القطاعات المستفيدة، وتشمل مهامها الشراء والمعالجة والنقل والتزويد، ما يجعلها حلقة وصل رئيسة في منظومة الطاقة النظيفة.
وأكد مديرو الشركاء المؤسسين التزامهم بتعزيز الاستدامة الاقتصادية والبيئية، ورأوا أن الشركة تمثل نموذجًا تكامليًا بين الدولة والقطاع الخاص لتحقيق النمو الأخضر.
وتُعد هذه المبادرة نموذجًا إقليميًا يُحتذى في توجيه الثروات الوطنية نحو خدمة التنمية، لا سيما أن 90% من احتياجات الأردن من الغاز كانت تأتي من الخارج حتى وقت قريب.
تطوير حقل الريشة
تسير خطة تطوير حقل الريشة على عدة مسارات، أبرزها حفر 80 بئرًا خلال 3 سنوات، بتمويل حكومي جزئي يبلغ 87 مليون دينار أردني، والباقي من إيرادات الغاز.
وفي هذا الإطار، أطلقت شركة البترول الوطنية، مؤخرًا، مناقصة لتأهيل مقاولين لحفر هذه الآبار بنظام تسليم المفتاح.
ويمتد الحقل على مسافة 380 كيلومترًا شمال شرقي عمّان، ويُعد المورد الغازي الوحيد المنتج في البلاد منذ اكتشافه عام 1986 وبدء الإنتاج فيه عام 1989.
وتصفه وزارة الطاقة بأنه حقل غير تقليدي يتطلّب تقنيات خاصة للحفر والاستخراج، ما يرفع من تكلفة تطويره ويزيد أهمية استثمارات البنية التحتية.
البنى التحتية لنقل الغاز
كشفت الأمينة العامة لوزارة الطاقة المهندسة أماني العزام، عن خطة لبناء خط أنابيب بطول 320 كيلومترًا يربط حقل الريشة بخط الغاز العربي في محافظة المفرق، ما يمهّد لنقل الغاز من مناطق الإنتاج إلى مراكز الاستهلاك والتصدير المحتمل.
كما يجري العمل على إنشاء محطة لمعالجة الغاز، إلى جانب تنفيذ مشروعات لضغطه وإسالته، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتسعى الوزارة إلى إدخال الغاز للمدن الصناعية لتقليل تكلفة الطاقة، وتشجيع الاستثمارات المعتمدة عليه.
وفي هذا السياق، بدأت المرحلة الأولى لإيصال الغاز إلى مدينتَي عمّان والزرقاء، كما تُدرس خيارات لاستعماله في النقل العام وتعبئة الحافلات.
التحديات والآفاق
رغم الإمكانات الواعدة، تواجه الشركة الوطنية المتطورة للغاز الطبيعي تحديات تتعلّق بالبنية التحتية، وجاهزية السوق، وضمان الجدوى الاقتصادية على المدى البعيد، فإن تكامل الخطط الحكومية، والدعم التنظيمي والتشريعي، وإمكانات التصدير مستقبلًا، تعزّز الآمال بتحقيق أهداف المشروع خلال العقد الحالي.
وحال تنفيذ الخطط كما هو مرسوم، فإن الأردن قد يتحول من مستورد للغاز إلى دولة مُصدّرة، مستفيدًا من موقعه الجغرافي وشبكة خطوط النقل القائمة.
ويبقى نجاح المشروع مرهونًا بسرعة تنفيذ الآبار والبنية التحتية، واستمرارية الدعم السياسي والتقني والمالي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
){kind=link}